كتاب كوريا البلد المستحيل يروي جوانب من قصة كوريا الجنوبية التي اذهلت العالم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا فكوريا الجنوبية التي كانت تعتبر من افقر البلدان في العالم في خمسينات القرن العشرين واكثرها تخلفا اصبحت تنافس الغرب في مؤشرات الاقتصاد بل وحتى الديمقراطية. كوريا الجنوبية الديكتاتورية الى فترة الثمانينات اصبحت متقدمة على فرنسا ديمقراطيا في بعض المؤشرات المختصة !! الكاتب هو دانيال تيودر بريطاني خريج اكسفورد ومقيم في كوريا ويعمل في قطاعها المالي كما انه مراسل لمجلة الايكونميست العالمية في كوريا الجنوبية. كتاب كوريا البلد المستحيل ينقسم الى مقدمة ونبذة بسيطة عن تاريخ كوريا وخمس فصول وخاتمة يذكر الكاتب في المقدمة ان قليلا ممن عاصروا اعلان جمهورية كوريا الجنوبية بعد انتهاء الحرب الكورية توقعوا ان تصمد هذة الدولة كدولة ناهيك عن ان تنافس الدول الغربية وبالنظر الى ماوصلت اليه اليوم بدون اي موارد طبيعية تذكر عدا القوى العاملة الوطنية يرى الكاتب ان كوريا الجنوبية تستحق لقب البلد المستحيل. الفصل الأول بعنوان التأسيس يورد فيه الكاتب الثقافات والاديان التي اثرت في التاريخ الكوري وانتجت ثقافة وتقاليد المجتمع الكوري المعاصر و يتحدث الكاتب عن ستة ديانات وفلسفات وثقافات اسهمت في تشكيل الثقافة الكورية المعاصرة وهي الشامانية والبوذية والكونفوشوسيه والمسيحية والرأسمالية والديمقراطية.
الشامانية
الشامانية هي اقرب للشعوذة والعرافة من كونها ديانة وهي ثقافة وفدت الى كوريا من سيبيريا منذ الاف السنين عن طريق الصين فالشامانية وممارسيها والذين يعرفون بالموسوك musok عرافين يدعون التواصل مع العالم الآخر و ارواحه لإسعاد البشر او كف الاذى عنهم فالشامانية لا تملك نصوص دينية كما فالاديان الاخرى سوى النصوص التي تعلم ممارسيها طقوس الشامانية. كما انه لا يوجد آله واحد او حتى عدد قليل من الآلهة بل آله مختلف لكل حالة تفد الى الموسوك فالجنرال الامريكي دوغلاس ماك ارثر كان من ضمن الآلهة التي طلب الموسوك من الوافدين اليهم تقديسها كما انه كان هناك عشرة الاف آله اخر في تلك الفترة. يرى الكاتب ان من القيم التي منحتها الشامانية للمجتمع الكوري العملية والمرونة فهي لاتتقيد بنصوص تجبر اتباعها عليها بل انها لاتمانع ان يدخل اتباعها في ديانات اخرى في بعض الاحيان مما منح الكوريين نوع من القابلية على الانفتاح على الثقافات الاخرى.
البوذية
في القرن الرابع دخلت البوذية الى كوريا وساعدت مرونة الطقوس الشامانية على انتشارها. البوذية ديانة هندية وصلت عن طريق الصين مع تفوق البوذية على الشامانية تعايشت الديانتين في كوريا في أغلب فترات تاريخها واليوم يعتبر 20% من الكوريين انفسهم بوذيين و يرى الكاتب ان من أهم تأثيرات البوذية على الكوريين هي قيمة التعامل مع الواقع والعمل على تحسينه جماعيا سعيا الى الكمال ويضيف ان العقلية الجمعية الكورية الساعية الى الكمال تظهر اليوم في صراعها مع الفردية الغربية على مستوى عالم الأعمال فالكوريين معروفين بتقليد الافكار وتطويرها حتى تصبح افضل من الفكرة الاصلية المقلدة ويضرب بذالك مثل مايحدث بين شركتي أبل وسامسونغ فمع ان الافكار الاصلية للمنتجات هي نتاج العقل الفردي الغربي(ابل مثلا) الا ان سامسونغ تنجح في تطويرها ومنافسة الفكرة الأصلية جمعيا.
الكونفوشوسية
اكثر الثقافات تأثيرا على المجتمع الكوري هي الثقافة الكونفوشوسية وهي عبارة عن تعاليم الفيلسوف الصيبني كونغ فوشي تم اعتماد الكونفوشوسية في كوريا تحت حكم سلالة جويسون في القرن الرابع عشر والتي استمرت في حكم كوريا الى الاحتلال الياباني عام 1910م. الفلسفة الكونفوشوسية تتميز بطبقيتها الصارمة وهذة الطبقية مبنية على اساس التحصيل العلمي للفرد الذي سيمنحه الدخول الى عالم الارستقراطية ففي تلك الفترة تكونت طبقة النبلاء التي تساعد الملك على إدارة البلاد وكان اعضاء هذة الطبقة هم ممن اجتازوا اختبار تعده الدولة لهذا الغرض. كل من يجتاز هذا الاختبار يدخل ضمن طبقة نبيلة تعرف باليانغبان تكون صاحبة الحظوة في المجتمع الكوري والمحيطة بملك كوريا الداخلين في هذة الطبقة غالبا ما يورثوا ابنائهم هذة المكانة بالنظر الى انه من الصعب على الطبقات الاخرى ان تضمن نجاح ابنائها في اختبار الدولة. الفلسفة الكونفوشوسية قللت من شأن الأديان ومنعت موظفي البلاط من اعتناقها ونفت رهبان البوذا وعرافين الشامانية الى الجبال كما ان الفلسفة الكونفوشوسية تقدس التراتبية فالعامة عليهم ان يطيعوا اوامر نبلاء اليانغبان دون اي تردد فالمقابل على نبلاء اليانغبان ان ينظروا الى العامة بعين العطف الأبوي ليصلوا الى اسمى مراحل السمو. من أهم ملامح الكونفوشوسية في كوريا اليوم طاعة العاملين في الشركات لمدرائهم ورعاية الأخيرين في المقابل لعمالهم كما ان هوس التعليم الذي يتملك الكوريين في سبيل ان يضمن ابنائهم مقعدا في احد الجامعات المرموقة من تأثيرات الكونفوشوسية حيث يشبه الكاتب هوس الكوريين اليوم في سبيل دخول الجامعات بهوسهم فالعصور الوسطى في سبيل اجتياز اختبار الدولة.
المسيحية
المسيحية هي أخر الاديان التي اثرت على ثقافة الشعب الكوري حيث يعتنق حوالي ربع الشعب الكوري هذة الديانة متفوقا على البوذية فالمسيحية بدأت في الدخول الى كوريا مع وصول البعثات التبشيرية في القرن السادس عشر الى الصين الا انها لم تشهد انتشارا كثيفا الا بعد الاحتلال الياباني. محاولة اليابانيين فرض ثقافتهم على البلاد والتي تنبع من نفس منابع الثقافة الكورية ذات الأصول الصينية الكونفوشوسيه ساهمت في انتشار المسيحية فمع تواجد المبشرين بكثافة في الصين اصبحت الكنائس الصينية ملجئ للمقاومة الكورية ضد الاحتلال الياباني الذي دام من سنة 1910م-1945م ودخل العديد من المقاومين للاحتلال الياباني المسيحية أملين في ان يحققوا لوطنهم الاستقلال والتخلص من ارث الماضي الذي اوصلهم للاحتلال ومع تحرير البلاد بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وقعت البلاد تحت وصاية الولايات المتحدة مما أسهم ايضا في زيادة عدد المسيحين فالداخلين الى المسيحية كانوا يرون في هذة الديانة الحكام الجدد والامريكان المنتصرين وبذالك ازداد عدد المسيحيين فيها ليصل الى ماهو علية اليوم. كوريا اليوم هي ثاني اكبر بلد تصديرا للمبشرين بعد الولايات المتحدة!! والعديد ممن تولوا الرئاسة بعد الاستقلال كانوا مسيحيين بل ان بعض الكنائس لها قوة شعبية يحرص نتيجتها السياسيين على استرضاءها طمعا في اصوات رعيتها!! يذكر الكاتب انه في عام 2011م قدمت الحكومة للبرلمان مشروع قانون يسمح بنظام المعاملات المصرفية الاسلامية واستثار هذا المشروع حفيظة تشو يونغ جي مؤسس كنيسة قوي وذكر الرئيس بدعمه له في انتخاباتة الاخيرة وهدد بمقاطعتة فالانتخابات التالية القائد الكنسي الكوري هذا يعتقد ان الاموال التي ستنتج عن مثل هكذا تشريع في كوريا الجنوبية ستذهب لتمويل الارهابيين!!! وقد اعلن نفس الشخص ان الكوارث الطبيعية التي حلت باليابان في نفس العام ماهي الاعقوبة من الرب لعدم انتشار المسيحية فيها!! حقيقة كلام هذا الرجل الكوري المسيحي المتشدد اسعدني فقد اكد لي انه هناك امل في التقدم حتى مع وجود المتخلفين.
الانقسام الى جنوب و شمال
سيكون من المناسب ان نعرج على أهم محطات تاريخ كوريا الحديث كي نفهم تاريخ الرأسمالية و الديمقراطية في كوريا الجنوبية كوريا بشمالها وجنوبها كانت تحت وطئة حكم الاحتلال الياباني المباشر منذ عام 1910م الى عام 1945م وهي سنة هزيمة اليابان حيث تولت امريكا والاتحاد السوفيتي الوصاية على شبة الجزيرة الكورية الاولى سيطرت على الجنوب والثانية سيطرت على الشمال. الاتحاد السوفيتيي شجع الكوريين في الشمال على انشاء جيش شعبي بقيادة كيم ايل سونغ بينما دعم الامريكان حكومة المنفى بقيادة ريهي. حكومة المنفى الكورية هذه تشكلت في عشرينيات القرن في الصين لمقاومة الاحتلال الياباني وترءسها رجل يدعى ساينغمان ريهي وهو مسيحي خريج جامعة هارفرد في الولايات المتحدة. في عام 1948م قررت الامم المتحدة اجراء انتخابات في شبة الجزيرة الكورية لحكومة تستلم السلطة من دولتي الوصاية امريكا والاتحاد السوفيتي قاطع الشمال بضغط من السوفييت الانتخابات ونجح ساينغمان ريهي فيها نتيجة هذة المقاطعة وسيطر الشيوعيين بقيادة كيم جونغ ايل على الشمال وفي عام 1950م هاجم الجيش الشعبي الجنوب وكاد يسيطر على كامل كوريا لولا التدخل الامريكي وردعه الى الشمال. هذة الحرب عرفت بالحرب الكورية والتي قادها من الجانب الامريكي الجنرال ماك ارثر وكانت نتيجة الحرب تقسيم كوريا الى ماهي علية اليوم نتيجة هذة الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب 1950-1953م كانت ثلاث ملايين قتيل وتدمير كامل للبلد الضعيف اصلا نتيجة الحرب العالمية الثانية وتولى ساينغ مان ريهي رئاسة الجنوب وحكمها بشكل ديكتاتوري واستخدم فزاعة الانتماء لليسار للقضاء على اعدائة في هذة الفترة وجدت كوريا الجنوبية نفسها مجبرة على اعتبار نفسها رأسمالية من باب الابتعاد عن كل تقارب مع الشمال الشيوعي.
ما بعد الإنقسام
الرئيس الجنوبي ريهي قام بعمليات تزوير مفضوحة للانتخابات سنة 1960م مما تسبب باحتجاجات عارمة عرفت بثورة ابريل في نفس السنة الجيش رفض اطلاق النار على المتظاهرين وخرج الرئيس ساينغ مان ريهي اول رئيس كوري الى هاواي ومات فيها بعد خمس سنوات استلمت إدارة البلد بعد خروج الرئيس حكومة انتقالية التي حاولت ان تحكم بديمقراطية ولكن مالبثت ان اطيح بها من قبل الجيش بعد سنة ففي عام 1961م استلم الجيش الحكم عن طريق الانقلاب على الحكومة الانتقالية بقيادة الجنرال بارك تشينغ هي الذي سيحكم الى نهاية السبعينات مع ان حكم الجنرال بارك تشينغ هيي كان ديكتاتوريا ولكنه دائما ما يحوز المركز الاول في استطلاعات شعبية الرؤساء في العهد الديمقراطي.
المعجزة الصناعية و الرأسمالية
الجنرال بارك هو الذي أسس لمعجزة كوريا الاقتصادية التي اتت اوكلها في تسعينيات القرن المنصرم وهو يعتبر ثاني رئيس كوري حيث بذل كامل جهدة في تحويل كوريا الى بلد صناعية مصدرة لصناعاتها ودعى شعبة ان يكونوا جيشا من العمال المصنعين و خاطب الجنرال بارك الجماهير الكورية مرارا داعيا اياهم ان يكونوا جنود صناعيين ليرفعوا من مقام بلادهم المتواضع بين الامم. الجنرال بارك تحالف مع كبار رجال اعمال كوريا في ذالك الوقت وتعهد بدعم شركاتهم بقوة مقابل ان تساهم الشركات في عملية البنية التحتية. الجنرال بارك كان يخير اصحاب الشركات الكبرى بين امرين اما ان يساهموا في خطط التنمية موعودين بالامتيازات لاحقا او السجن وهذا النظام يكفل لشركات معينة دعم الحكومة القوي مقابل زيادة الانتاج الصناعي هذا التحالف بين الحكومة ورجال الاعمال انتج ما عرف بشركات التشايبول chaebol اي الشركات ذات الامتيازات الحكومية الحصرية. نظام التشايبول انتج حوالي خمسة عشر شركة ضخمة محتكرة للسوق في كوريا ولا يحلم اي كوري في تأسيس عمل من دون التعامل معها هذا الاحتكار ولو انه قضى على امال صغار المستثمرين في العمل دون الارتباط بهذة الشركات الا انه انتج لكوريا شركات عالمية هي عماد اقتصادها اليوم. من شركات التشايبول المعروفة المحتكرة للسوق الكوري سامسونغ و هايونداي ودايو وارتفعت نتيجة لهذا التحالف الصادرات مئة ضعف في عهد الجنرال بارك. الجنرال بارك قام باصدار القوانين التي تكفل منع منافسة السلع المستوردة للسلع المحلية هذة القوانين وصلت الى تجريم دخول واردات معينة خطة الجنرال بارك نجحت في زيادة الصادرات نتيجة رخص الايدي العاملة الكورية في ذالك الوقت والتزامها التام بعملها و ولاءها.اغتيل الجنرال بارك ثاني رؤساء كوريا في نهاية السبعينات مخلفا وراءه بلدا صناعيا ولكن الشعب الكوري لم ينعم بهذا الانجاز الا لاحقا التطور الصناعي الياباني كان ايضا عاملا محفزا للشعب الكوري لمنافسة اعدائهم التقليديين ومواكبتهم من باب انه من جاور السعيد يسعد. مع ان كوريا الجنوبية اعتبرت نفسها رأسمالية بعد حربها مع الشمال الا ان الدولة وحليفاتها التشايبول احتكرتا السوق ولم تمارس الرأسمالية بمعناها الغربي في كوريا الجنوبية نتيجة لتدخل الدولة الصارم لصالح الشركات الكورية الكبرى. الرأسمالية بصورتها الغربية النمطية مورست في كوريا بداية من التسعينات مع رفع الدولة تدخلها في السوق التزاما باتفاقيات دولية.
الديمقراطية
كوريا الجنوبية من ضمن العشرين بلد اكثر ديمقراطية في العالم مع انها كانت الى الثمانينات تحكم في اغلب الفترات بديكتاتورية والكاتب يقول ان كوريا الجنوبية تجاوزت القيم الاسيوية الكونفوشوسية التي يروج لها الزعيم السنغافوري لي كوان يو بصفتها غير قابلة للديمقراطية واصبحت هذة الدولة ذات الارث الكونفوشوسي في مصاف الدول الديمقراطية. الكاتب يشير الى ان من اهم ما ميز الشعب الكوري وجعله قابلا للتحول للديمقراطية هو مستوى التعليم الجيد لهذا الشعب. في اكتوبر من سنة 1979م اغتيل الجنرال بارك ثاني رؤساء كوريا وقائد ثورتها الصناعية على يد رئيس مخابراتة في حفل عشاء ولا احد يعرف بالضبط الدافع الرئيسي لرئيس المخابرات للقيام باغتيال رئيس بلادة ولكنه قال في محاكمتة انه قتله في سبيل الديمقراطية وبعد اغتيال الجنرال بارك تولى رئيس الوزراء حكم البلاد كما حدث عندما خرج الرئيس الأول من كوريا سنة 60 ولكن رئيس الوزراء الذي تولى الرئاسة بالوكالة كان ضعيفا امام جنرال طموح من الجيش الذي اصبح المدير الفعلي للحكم. الجنرال تشون دو هوان حكم كوريا تحت حكم قانون الطوارئ في الثمانينات الى ان قرر ان يسلم السلطة الى تلميذة روه تي وو. الجنرال تشون قرر ان يجري انتخابات شكلية يسلم السلطة من خلالها لحليفة روه تي وو ولكن الاحتجاجات انتشرت في كل انحاء البلاد لم يملك حليف الجنرال الا ان يتعهد بانتخابات نزيهه واعدا بانتهاء عصر الديكتاتورية وفاز نتيجة لذالك بالرئاسة بفارق بسيط عن مرشح المحتجين روه تي وو خاض انتخابات 1992م وخسرها وسلم منافسة مرشح المحتجين الرئاسة بسلاسة وافيا بوعده الذي قطعه قبل خمس سنوات. كوريا منذ ذالك اليوم بلد ديمقراطي لم تشهد ما يخل بديمقراطيتها فهي قد وصلت الى ذالك يعد ثلاث انتفاضات منذ استقلالها سنة 60و80و 87. الرئيس الكوري الجنوبي الذي كسب انتخابات 1992م عفى عن الديكتاتور العسكري السابق واخرجة من السجن كبادرة تصالح في سبيل الوحدة الوطنية.
الواسطة الكورية
في الفصل الثاني يتحدث الكاتب عن جوانب من شخصية الفرد الكوري وهي التعصب والمنافسة والسمعه والاسرة والهوس بالجديد حيث يتحدث الكاتب في الفصل الثاني عن مصطلح الجيونغ jeong وهو مفهوم مقارب لمفهوم التعصب العربي للذين تربطه بهم صلة ايا كان نوعها فالفرد الكوري يتعصب لأهلة ضد جيرانة و لجيرانة ضد اهل المنطقة وهكذا حتى يصل الى ان يتعصب لمواطنة الكوري ضد الاخرين فمفهوم الجيونغ قريب من المثل العربي انا وأخي على بن عمي وانا وابن عمي على الغريب الا ان الكوري يمر بمراحل الى ان يصل للغريب و يرى الكاتب ان الغربيين والاجانب يتضايقون من مفهوم الجيونغ الذي يهمشهم لصالح العصبة الكورية ويجعل التعامل العامل معهم اصعب على الرغم من ان كوريا الجنوبية حققت مراكز متقدمة في مجالي الاقتصاد والديمقراطية الا انها مازالت متأخرة في مجال الشفافية نتيجة لثقافة الجيونغ هذة. كوريا الجنوبية حلت في المرتبة الثالثة والاربعين في تقرير الشفافية الدولية متأخرة عن معظم الدول الديمقراطية وهنا يلام الجيونغ و يبدو ان الجيونغ خلق بيئة عمل لا تخلو من مايعرف عندنا بالواسطة لذا تأخرت كوريا عن مثيلاتها الديمقراطيات في مجال الشفافية ففي تقرير الشفافية كوريا الجنوبية حلت متأخرة عن الامارات وقطر بخانة و متقدمة على عمان والبحرين بخانة وعلى الكويت والسعودية بخانتين!!
روح المنافسة والتعليم
الكتاب يتحدث عن روح المنافسة التي يمتلكها الشعب الكوري وهي الروح التي جعلتهم يتطلعون الى التفوق على اليابان اقتصاديا. روح المنافسة هذي اسهمت في ان تجعل الاقتصاد الكوري رقم 17 على مستوى العالم وهو انجاز عظيم بالنظر الى حجم البلاد ومواردها. جو التنافس هذا يسري بين الكوريين انفسهم فالأسرة الكورية من أكثر أسر العالم انفاقا على تعليم ابنائها والحرص على دخولهم جامعات مرموقة فالأسر الكورية لاتكتفي بإلحاق ابنائها بالمدارس العادية بل تلحقهم بمدارس مسائية خاصة إضافة الى المدارس النهارية الحكومية هذي المدارس تعرف بالهاكون hakwon وهي مدارس متخصصة في الدروس الخصوصية المسائية لكافة المراحل تصل نتيجة لذالك ساعات دراسة الطالب الكوري الى 16ساعة يوميا وخصوصا في المرحلة الثانوية املا في الدخول الى احد الجامعات المرموقة!! هذا التركيز على التعليم وبذل المال من أجلة بسخاء انعكس على معدلات الولادة فمعظم الأسر تكتفي بطفل واحد لتركز على تعليمة. المنافسة الحادة لتعليم الاطفال الكوريين لها جوانب سلبية فاستطلاعات المنظمات الحقوقية تشيرالى ان الطفل الكوري من أقل الاطفال سعادة. رئاسة الجمهورية تدخلت للحد من هذا التنافس الضار بالاطفال في مجال التعليم واصدرت قرارا بمنع مدارس الهاكون والدروس الخصوصية الا انه وتحت ضغط شعبي اجبرت الحكومة الكورية على التراجع عن قرارها بمنع الهاكون والدروس الخصوصية!! معدل ماتنفقة الأسر المتوسطة في كوريا على تعليم اطفالها يقارب ثلث دخل الأسرة وغالبها يصب في مدارس الهاكون المسائية.
حفظ ماء الوجه
الكاتب ايضا يتحدث عن مفهوم السمعة وحفظ ماء الوجة واهميتها في المجتمع الكوري وغالبا مايعمدون للانتحار لحفظها فكوريا الجنوبية ثاني بلد على مستوى العالم من حيث معدلات الانتحار ففي كل سنة ينتحر 31 من كل 100000 مواطن كوري. ثقافة ماء الوجة تدفع الكوريين للانتحار في حال فشلوا في التجارة بعد طول خبرة مثلا او في الاختبارات بعد تعب وجهد. الرئيس الكوري السابق روه موو هيون على سبيل المثال انتحر بعد الكشف عن قضية فساد كان طرفا فيها خطوتة هذه اكسبتة تعاطفا شعبيا واسعا والعديد من المشاهير انتحروا نتيجة لفضحهم عن طريق منتديات العالم الافتراضي والتي في الغالب ماتكون مبالغ فيها او غير صحيحة مما دفع الحكومة الكورية لإصدار قانون يجبر الكتاب في منتديات الانترنت على الكتابة بأسمائهم الحقيقية ليكونوا مسؤولين عما يقولون.
أسماء العوائل
يعرج الكتاب على ظاهرة اسماء العوائل والأسر ويذكر انه اكثر من 20% من الكوريين يحملون لقب العائلة كيم و15% لي و9%بارك!هذة الأسماء منحت من قبل ملوك كوريا القدامى لرعاياهم المخلصين كأمتياز واشترى العديد من الكوريين حق استخدامها للتمتع بالامتيازات.
السوق الحيوي
الكتاب يتحدث عن هوس الكوريين الجنوبيين بكل ماهو جديد مما جعلهم من اكثر شعوب الأرض استهلاكا للكماليات هذا الهوس جعل من السوق الكوري سوقا مغريا لطرح المنتجات الجديدة في كافة المجالات كطرح مبدئي لقياس تقبل السوق الكوري لها. بعض الشركات اليابانية تطرح منتجاتها في كوريا قبل اليابان لتقيس اقبال الكوريين عليها وتطرحها لاحقا في الأسواق اليابانية والعالمية فمنتجات مثل الكاميرات اليابانية وأجهزة الملاحة و أجهزة الام بي ثري طرحت في سوق كوريا الجنوبية قبل كل الاسواق في العالم.
الشقيق الشمالي
يتحدث الكاتب ايضا عن بعض المشاكل التي تشغل الرأي العام الكوري الجنوبي والتي من اهمها مشكلة الجار الشمالي. الكاتب يذكر ان الاجيال الشابة تريد السلام مع كوريا الشمالية ولكنها غير متحمسة للوحدة على العكس من كبار السن فكبار السن الكوريين الجنوبيين يريدون الحرب مع نظام كوريا الشمالية ويحلمون بإعادة توحيد شبة الجزيرة الكورية!!
الفساد السياسي
الكتاب ايضا يعرج على الفساد السياسي الذي تعاني منه ديمقراطية كوريا الجنوبية فتحكم الاقوياء في اللعبة السياسية يزعج الكوريين قادة شركات التشايبول لهم نفوذ واسع في اروقة السياسة مما يجعل من عملية تحقيق الرغبات الشعبية والتلاعب بها اكثر تعقيدا
اللغة الانجليزية
يضيف الكاتب هوس تعلم اللغة الانجليزية الى لائحة المشاكل التي تزعج الكوريين وهي في إطار التنافس بينهم على تعليم ابنائهم ويذكر انه انتشرت في سيؤول عيادات متخصصة في اجراء عمليات بسيطة للسان ليجعلة اكثر طلاقة عند التحدث بالانجليزية!! مدارس الهاكون الخصوصية في كوريا حققت ارباحا فاقت السبع مليارات دولار في عام 2009 ونصف هذة المدارس متخصصة فالانجليزية فمدارس الهاكون تحقق مجتمعة ارباحا تفوق ارباح شركة معروفة من شركات التشايبول مثل سامسونغ اوهايونداي ويرى الكتاب ان مع ازاحة الصين للولايات المتحدة كشريك تجاري اول لكوريا الجنوبية كان من المفترض ان تقل اهمية اللغة الانجليزية ولكن هذا لم يحدث بل ان الاحصائيات تشير الى ان انفاق الكوريين على تعلم اللغة الانجليزية يزيد كل سنة !!
الكتاب قيم وثري بالمعلومات حول كوريا الجنوبية ويغطي العديد من الجوانب الثقافية والاجتماعية والفنية لهذ البلد و يستحق الترجمة.