لكي لا نضرب الوطن بالتاريخ
فوجئنا كما فوجئ الكثير بالكلام الذي كتبه عبدالله حبيب حول ظفار و الذي استدعي على إثره الكاتب للجهات الأمنية بغرض التحقيق و لكني صدمت من الردود المعارضة له والتي أشعرتني بأن الخطاء الذي أقترفه حبيب هو تبنيه لقراءة معينه لدوافع ثورة ظفار لا دعوته الصريحه و النكراء لفصل جزء من الوطن بدعوى الحرية محاولا بذالك ان يضرب وحدة الوطن بالتاريخ بإجترار أحداث معينه منه.
دراسة التاريخ و مناقشته وتقديم قراءات جديده له أمر مطلوب وضروري لأخذ العبرة و إنتاج عقول أكثر توازنا و حكمة تسهم في بناء الوطن و تحقيق الطمأنينة لمواطنيه و لم أرى شخصيا في السرد الذي قدمه عبدالله حبيب لأحداث ثورة ظفار أي ضرر فكل ما كتبه بهذا الخصوص يمكن تفهمه في إطار تقديم روايه جديده او وجهة نظر مغايره للأحداث التي جرت في تلك الفترة ما استنكرته من كلام حبيب هو الدعوة التي ختم بها سرده هذا لإنفصال جزء عزيز من الوطن بدعوى الحرية و إرضاءا لزميلة المثقف الوطني الثوري الذي لا يرى نفسه عمانيا وهذا ما اكسبه تعاطف حبيب و جعله يطلق دعوته المشؤومه على الفيس بوك.
الخطورة في دعوة حبيب تكمن في إجترار التاريخ و محاولة تكييف الوطن الذي تقوم عليه الدولة الحديثة وفق هذا الإجترار السقيم للتاريخ فإذا كانت الأوطان تؤسس و تبنى بهذه الطريقة لما بقي لنا وطن يأؤينا نحن و أبناءنا تحت سقفه. فكما أن مفهوم عمان تاريخيا يتمدد الى ان يشمل قطر شمالا و المهره جنوبا في بعض الأزمنه فهو كذالك ينحسر ليشمل عمان الداخل فقط في أزمنه أخرى!! فهل يعني ذالك ان باب تأسيس أوطان جديده مفتوح على مصراعيه إرضاءا لعبدالله حبيب و صديقة المثقف النرجسي و أشباهه في كل أرجاء الوطن؟!
عمان دولة مترامية الأطراف و مكونه من العديد من الهويات المحلية والتي تشكل مجتمعة النسيج العماني الثري والذي يليق بها كدولة ذات تاريخ عريق وحافل ومن الوارد او شبه المؤكد إن في كل هويه محليه من وطننا تجد أشخاص هم للعقد النفسيه أقرب من سلامة العقل الأمر الذي يجعلهم منكمشين على هذه الهوية المحلية متمسكين بها بشكل نرجسي يجعلهم ينكرون عمانيتهم وهذا لا يحدث في ظفار فقط بل في أغلب مناطق الوطن العماني دعنا لا ننسى مثلا ان المسمى الرسمي للدولة قبل حكم جلالة السلطان كان مسقط و عمان وان أهل مسقط خصوصا كانوا يصنفون على انهم مسقطيين والى اليوم تجد رواسب من هذا الفصل عند بعض كبار السن في مسقط و مطرح بل ان بعض سكان مطرح كانوا محسوبين كرعايا لحكومة الهند البريطانية نتيجة العلاقة التجارية و التاريخية بينهم وبين الهند وهم من ناحية الثقافة و التركيبة أقرب للهند منه لليمن او الخليج التي قسم عبدالله حبيب تركيبة الوطن بينهما!!!
لا شك في ان ما أورده حبيب في سرده التاريخي لأحداث ثورة ظفار يحمل قدرا من الصحة فلا يمكن ان نصدق ان جميع الثوار على نسق واحد ناصريين او ماركسيين او حتى إنفصاليين بل لا شك انهم كانوا مزيج من ذالك كله يجمعهم هدف إسقاط حكم السلطان سعيد بن تيمور رحمه الله و تفرقهم الغاية من إسقاط هذا الحكم و لكن الأكيد ان معظم هؤلاء الثوار اجتمعوا تحت راية قائد النهضة المباركة في بناء الدولة الحديثة و التي ننعم اليوم في ظلها بهذا الأمن و قدر كافي من الطمأنينة ومن واجب الجميع ان يبني على هذا البناء الصلب لنزداد رفعة و رقي.
التاريخ لا يهدد الأوطان ما يهدد أمن و سلامة الأوطان هي دعاوى التجزئة و الإنفصال المموهه زورا بأسم الحريه إشباعا لرغبات و أوهام قله قليلة من المواطنين (النفسيات)