استفاق وطننا العربي في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين على ثورات شعبية اطاحت بالنظامين التونسي و المصري على التوالي و على الرغم ان العامل الرئيسي لهذة الثورات الشعبية هو العامل الاقتصادي المتردي في هذة البلدان بسبب الازمة المالية العالمية الا انه اجج الاستياء المسبق من الانظمة الحاكمة التي اتهمت فترة حكمها باطلاق يد الاجهزة الامنية و تعطيل المشاركة الشعبية و قمع حرية الراي و التضييق على عمل الصحافة. فالشباب خرجوا مطالبين بأسقاط الانظمة الاستبدادية ليتسنى لهم العيش تحت انظمة ديمقراطية حقيقية تحقق لهم ما افتقدوه تحت ظل الانظمة السابقة. و اتت هذة المطالب الشبابية متوافقة مع رغبات القوى الدولية الغربية التي تسوق للديمقراطية في المنطقة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر اقتناعا منها بان أنظمة الحكم المستبدة في العالم العربي كانت سبب رئيسي في انتشار الافكار المتطرفة بين الشباب في هذة المنطقة من العالم. فالعالم كله يترقب الان عملية ولادة ديمقراطيات في مصر و تونس سيحرص كل المشرفين عليها على انجاحها فهذة الفرصة الذهبية ستستغل من جميع القوى الخارجية و الداخلية على اختلاف اهدافهم من هذة العملية فولادة ديمقراطية مصرية ستعني انتشار للديمقراطية في جميع الدول العربية سواء عن طريق الثورات او عن طريق الاصلاحات التي ستتبناها الانظمة الحاكمة للحفاظ على استمراريتها و لنا فالتاريخ خير شاهد على ذالك فالمد القومي في الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي ما كان ليجتاح الوطن العربي من المحيط الى الخليج لولا تبني الثقل الاستراتيجي للامة العربية مصر لهذا الخطاب. مما يدفعنا الى التساؤل
هل سيصل هذا المد الديمقراطي لسلطنتنا الحبيبة؟
فالمجتمع العماني مجتمع فتي فمواليد النهضة المباركة يشكلون ما يزيد عن ثلاثة ارباع الشعب العماني بحسب احصاءات وزارة الاقتصاد الوطني اي ان اغلبية الشعب العماني متعلم و لم يعاصر التطور الكبير في كافة مجالات الحياه الذي حدث بعد تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم الحكم في البلاد و لكنه تربى ايضا على حب هذا القائد كرمز تاريخي لهذا الوطن تجله و تحترمه الأغلبية العظمى للعمانيين فالشباب العماني لن يرفعوا ابدا شعار الشعب يريد أسقاط النظام و لكنهم قد يرفعوا شعارات تطالب بتحسين اوضاعهم المادية و قد يرتفع سقف هذة المطالب نظرا للاوضاع التي يمر بها العالم العربي حاليا لتصل الى المطالبة بالاصلاح و خصوصا من الشباب المثقفين الذين دغدغت مشاعرهم افكار كبار الفلاسفة الاوربيين و استحسنوا عبارة حكم الشعب بالشعب و للشعب التي اطلقها الرئيس الامريكي ابراهام لينكولن متأثرين بما جرى في مصر و تونس و ما يجري حولهم في اليمن و البحرين املين ان يتم تطبيق النموذج الديمقراطي الغربي او بعض ممارساته الذي من المتوقع له ان يطبق في مصر و تونس و من المتوقع ان يتم المطالبة بتطبيقه في سلطنتا الحبيبة عمان مما يجرنا الى السؤال التاليهل يصلح تطبيق النموذج الغربي للديمقراطية في سلطنة عمان؟
نود ان ننوه هنا انه لا يوجد نموذج غربي واحد للديمقراطية مطبق في كل الدول الغربية فلكل دولة نظامها الديمقراطي الخاص و لكننا نعني بالنموذج الغربي هنا السمات المشتركة لهذه الانظمة كالاحزاب السياسية مثلا فتجربة الاحزاب السياسية في عالمنا العربي كانت مخيبة للامال بشكل كبير فمعظم هذة الاحزاب تشكلت على اساس ايدلوجي اقصائي يعمل على مصلحة الايدولوجيا قبل مصلحة الوطن فلم تلقى العديد من هذه الاحزاب قبولا من قبل الشعوب العربية نظرا لتبني معظمها لايدلوجيات مستوردة من الخارج غريبه عن البيئات العربية فخلى الجو للتيارات الاسلامية مستغلة خاصية التدين الفطري لدى الانسان العربي البسيط و هنا مكمن الخطورة فقادة هذة التيارات لهم اجندات تتعدى حدود الدولة الوطنية لتشمل العالم الاسلامي كله يحركها لذالك حنين للماضي المنزه من كل عيب و افكار عاطفية لا تراعي اختلاف الظروف و موازين القوى في عالم اليوم و تزداد الخطورة من هذة التيارات الدينية اذا كان البلد ينقسم من حيث انتماءات مواطنية الى مذهبين مختلفين من مذاهب الدين الاسلامي كما هو الحال في العراق و البحرين و بلادنا الحبيبة عمان مما يقودنا الى سؤالنا الاخير الا وهوهل سنتمكن كعمانيين حكومة و شعبا ان نجد صيغة لديمقراطية عمانية خاصة بنا نابعه من بيئتنا بلا تحزبات قد تؤثر على امن الوطن و استقراره؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق