الجمعة، 31 مايو 2013

الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية شبهات و ردود


كتاب الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية شبهات و ردود للأستاذ الدكتور توفيق الواعي أحد أعلام جماعة الإخوان. الواعي عمل في الكويت منذ السبعينات و أقام فيها فترة طويلة وعمل رئيسا للجنة تطوير المناهج الإسلامية فيها وهو من كبار رجال الجماعة هناك. الكتاب صدرت طبعته الأولى سنة 2001 أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر والأحداث الجسام التي تلته على مستوى المنطقة وهو يسلط الضوء على الشبهات التي أطلقها بعض أعداء الإخوان حولهم ويرد عليها. الأعداء المقصودين ليسوا الليبراليين أو العلمانيين بل السلفيين!! يعتقد الدكتور الواعي إن الليبرالية والعلمانية أقل خطرا على الأمة من أدعياء السلفية الذين يسهمون بعمد أو بجهل في بقاء الوضع المتردي الذي تعاني منه الأمة الإسلامية. الدكتور الواعي وبحكم عمله في الكويت يتجنب التهجم على السعودية ومؤسساتها الدينية مباشرة ولكنه يهاجم الفكر السلفي المبتعد عن العمل في السياسة و المفرط في طاعته لمن يسميهم ولاة الأمر و الذين عرفوا اصطلاحا في المملكة العربية السعودية بالجامية. يقابل النهج الجامي السلفي النهج السروري الذي يتهمه الجامية بالتأثر بنهج الأخوان و التدخل في السياسة. أما في الكتاب الذي نستعرضه اليوم فلا يستخدم الواعي هذه المصطلحات السعودية الأصل ويصنف السلفية الى نوعين أدعياء و متعقلين و يبدو انه يقصد بالأدعياء الجامية و المتعقلين السرورية.

أسباب تهجم السلفية على الإخوان
  يعزو الدكتور توفيق الواعي سبب تهجم السلفية الجامية على الإخوان إلى خمسة أسباب:
أولا) السطحية العقلية و العلمية لهؤلاء السلفية.
 ثانيا) مرض التدين المصاب به السلفية الجامية والذي يراه محاولة لإثبات الذات وتعويض نقص يعاني منه هؤلاء القوم أدعياء السلفية.
 ثالثا) الأيدي الخفية لأعداء الإسلام الذين يستغلون سذاجة هؤلاء المدعين للسلفية في شق وحدة الصف الإسلامي.
 رابعا) الحسد الذي يجعل هؤلاء يغارون من ان يقوم أحد برفع راية الإسلام بشكل أفضل مما هم يفعلونه.
خامسا) إيحاءات بعض الأنظمة العربية التي تستمتع بضرب الحركات الإسلامية ببعضها  ويعتقد الواعي ان الأنظمة المستبدة استفادت من بلهاء المتدينين والمنغلقين فكريا لخلق إسلام مناسب لها يدع ما لقيصر وما لله لقيصر!!
الرد على شبهات السلفية
 قام الواعي بالرد أولا على الشبهات المتعلقة بالعقائد من قبيل التصوف والقبورية والتوسل وشبهة الأسماء والصفات والتشابه والتفويض  وهي مسائل أثارها السلفية للتشكيك في صحة عقيدة الإخوان المسلمين وقد قام الدكتور الواعي بالرد على كل واحده منها بالتفصيل ويستشهد الواعي في ردوده بآراء أبن تيمية بل و الشيخ محمد أبن عبدالوهاب أن أستدعى الأمر لتأييد ردوده على هذه الشبهات السلفية. يبين الواعي منهج الإخوان في التعامل مع هكذا خلافات فرعية القائم على عدم تهويلها والدعوة الى تصحيحها بالتي هي أحسن حفاظا على الوحدة ويستشهد بذالك بكلام الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة حيث يقول في أحد رسائله: (إن الناس يعيشون في أكواخ من عقائدهم فلا تهدموا عليهم أكواخهم ولكن أبنوا لهم قصرا من العقيدة السمحة وعندها سيهدمون أكواخهم بأيديهم) ويرد الواعي شبهة عدم الاهتمام بدراسة العقيدة التي يلصقها السلفيين بالإخوان بأن الإخوان أكثر الناس دراسة للعقيدة ولكن الفرق بينهم وبين السلفيين أنهم لا يثيرون هذه النقاشات الخاصة بين العوام ويحصرونها في مستوى العلماء كما ينبغي أن تكون. من ضمن الشبهات التي أطلقها السلفيين حول الإخوان شبهة جذب الجماهير! حيث يعتقد السلفية أن الإخوان يجذبونهم دونما الاهتمام بعقائدهم بينما يرى الإخوان أن استمالة الجماهير للتعاطف معهم أهم من تصحيح معتقداتهم لما في ذالك من صلاح للأمة الإسلامية أما شبهة العمل السياسي فيرد عليها الواعي إن الأخوان المسلمون يعتقدون أن المسلم لا يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيا مهتما بأمته ويرد الواعي على شبهه أخرى طرحها السلفيين وهي شبهة العمل بالدستور و القوانين الوضعية التي يحرمها السلفية حيث يرى الواعي إن المسلم مطالب بالأخذ بأدوات العصر فالإسلام ليس جامدا وهو يستوعب قضايا العصر وصالح لكل مكان وزمان بل أن الإخوان يعتقدون إن نظام الحكم الدستوري هو أقرب الأنظمة للإسلام وهم لا يعدلون به نظام آخر
يتهم السلفية الإخوان بتأييد الديمقراطية وهي كفر صريح من حيث إن الحاكمية لله والحكم في الديمقراطية للأكثرية من البشر ويستشهد السلفية بهذه الآية الكريمة (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) لتأكيد ضلال الأكثرية يرى الواعي إن ضلال الأكثرية يكون في حالة عدم التزامهم بالدين ويرى ان الديمقراطية في الدول الإسلامية لا يمكن أن تؤدي إلى ذالك ويرى الواعي إن الديمقراطية هي آلية تنفيذ الشورى الإسلامية و إذا وجدت آلية أخرى أسلم فلا بأس أن تأخذ بها الأمة أما شبهة دخول البرلمان الذي يرمي بها السلفيين الإخوان فيرد عليها الواعي أن الإسلاميين لا يجب إن يتركوا الحبل عالغارب للعلمانيين وانه بالامتناع عن دخول الإسلاميين للبرلمان سيصفى الجو لأعداء الدين من ليبراليين وشيوعيين وغيرهم من أصحاب الافكار العلمانية الخطرة ويشبه الداعي دخول الإسلاميين البرلمانات بثناء النبي الأكرم على حلف الفضول الذي نشأ في الجاهلية لنصرة المظلومين ويرى الداعي إن دخول السلفيين انفسهم في المعترك البرلماني بعدما كانوا ينتقدون الإخوان على ذالك دليل على بعد نظر الإخوان حيث قام العديد من السلفيين بدخول المعترك البرلماني خصوصا في الكويت في التسعينات ويسميهم الواعي العقلاء ولكنهم لم يسلموا من غضب الجامية او من يسميهم الواعي أدعياء السلفية ويرد الواعي على شبهة عدم الحكم بما أنزل الله في الدول التي يدخل الإخوان برلماناتها ان دخول الإخوان أصلا للمطالبة بفرض هذا الحكم وإنهم كانوا دائما في صفوف المعارضة ورفضوا الدخول في أي حكومة لا تحكم بما أنزل الله واستشهد برفضهم الدخول في حكومة محمد نجيب فالواعي يورد انه بعد ثورة يوليو طلب اللواء محمد نجيب منهم الدخول في الحكومة ورفضوا وقاموا بفصل الشيخ الباقوري بعد ان قبل بذالك.

الإخوان والثورية
 ينفي توفيق الواعي عن الإخوان تهمة الثورية!!! التي يرميهم بها السلفيين ويشدد على ان تعاليم البنا لا تقر الأساليب الثورية فيقول (اما الثورة لا يفكر بها الإخوان ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها وانهم يتمنون تجنبها ولكن الحال اذا استمرت على ماهي فالثورة قادمة) يذكر الواعي ان الثورة ستكون نتيجة ضغط الظروف وإهمال مرافق الإصلاح والمشاكل المتعقده ولن تكون من الإخوان الذين يحاولون الإنقاذ بكل ما يستطيعون من جهد.

الإخوان و القومية
 اما فيما يختص بموقف الإمام حسن البنا من القومية و الوطنية فانها يقسمها الى قسمين تتفق مع الإسلام او لا تتفق فالقومية بنموذجها التركي مثلا لا تتفق مع الإسلام لذا فهي محاربة من الإخوان اما القومية التي لا تخرج عن إطار الاسلام فمقبولة فالمسلم بحسب نظرة الإخوان يجب ان يكون حبه لوطنه حلقه في سلسله من الاوطان المسلمة والتي يجب ان يعتبرها أوطانه بالضرورة.

الإخوان و الشيعة و الخميني
 أما شبهة التقريب بين السنة والشيعة!! فيعتقد الواعي انه لا مانع من التصنع لقوم لقرض مفيد فالشرع يسمح بارتكاب اخف الضررين ويشبه الواعي التقريب بين السنة والشيعة بالتحالفات السياسية التي من الممكن ان تقلل من المضار ويذكر ان هذا النهج إسلامي ويذكر أن لوطا عليه السلام عرض على الكافرين بناته لكي لا يعتدوا على الملائكة الذين وفدوا عليه على شكل ضيوف!! فالتقارب مع الشيعه اخف ضررا من الاستعمار ويرد اتهامات السلفيين لهم بتأييد الخميني انه أفضل من الشاه عميل الغرب وقد يستفاد منه ومن هنا يأتي تأييدهم لثورة الخميني.

الإخوان و عبدالناصر
 يفند الواعي اتهام السلفيين لهم بأنهم تأمروا على قتل ولي الأمر في مصر جمال عبدالناصر!! في حادث المنشية المشهور سنة 54 ويذكر إن هذا الحادث مدبر من قبل عبدالناصر و الامريكان للتخلص من أنبل وأشرف من في مصر وهم الإخوان ويورد على ذالك الأدلة و يصف توفيق الواعي جمال عبدالناصر بالدكتاتور المدلس المجرم السفاح الذي عانى منه ومن ظلمه الإخوان ومصر.

الإخوان و العمل السري و التنظيم
أما فيما يتعلق بشبهة العمل السري والتنظيم الخاص فأرجع الواعي ذالك الى ضرورة اتخاذ الحذر في وسط محيط من أعداء الأمة المتربصين وذكر أن هذا التنظيم كان له دوره في حرب فلسطين وركز على هذا الدور متغافلا عن دور هذا التنظيم وتبريره في أوساط المجتمعات العربية ويرد الداعي على شبهة البيعة إنها رباط بين الجماعة وأفرادها ولا يعني ذالك الخروج على ولي الأمر ونقض بيعته وفي معرض نفس الرد يقول إن الإخوان يبايعون من أجل إقامة الخلافة الإسلامية التي ستوحد المسلمين وانه لا وجود للخلافة من دون جماعة!!!
 أما فيما يختص بحرب الخليج فيرد الواعي إنهم لم يؤيدوا صدام في غزوة ولكنهم اعترضوا على تواجد القوات الأجنبية في المنطقة اما في الجزء الثاني من الكتاب فيقوم الواعي بالهجوم على السلفية بعد أن دافع في الجزء الأول مستعينا بكتابات الدكتور عبدالرزاق الشايجي ومضيفا إليها ويقوم في أخر الكتاب بعرض مجموعة من الرسائل من كبار علماء السعودية كابن باز وغيره المادحه في أعلام الجماعة حسن البنا وسيد قطب.  هذا هو كتاب الدكتور توفيق الواعي ولكم أن تلحظوا التغييرات التي طرأت على الجماعات الإسلامية في هذه الفترة الوجيزة فالسلفيين تحولوا من أشد المضرين بالأمة لجهلهم و أصبحوا حلفاء في مصر اليوم!!! ونرى تقاربا إخوانيا سلفيا ملحوظ كما ان المعترضين على وجود القوات الأجنبية لايمانعون اليوم تواجدها بل يبادرون في دعوتها للمنطقة والذين ينفون عن أنفسهم (تهمة) الثورية اصبحوا أكثر الناس ثورية الآن!!! فسبحان مغير الأحوال.