الخميس، 5 سبتمبر 2013

الكويت من الإمارة الى الدولة ذكريات العمل الوطني و القومي

كتاب الكويت من الإمارة إلى الدولة ذكريات العمل الوطني والقومي للدكتور أحمد الخطيب السياسي الكويتي المعروف.  أحمد الخطيب لمن لا يعرفة هو سياسي مخضرم في الكويت وعضو في المجلس التأسيسي في الستينات وهو المجلس الذي حدد معالم الديمقراطية وآلياتها في الكويت ودائما ما يحب الدكتور أحمد الخطيب أن يصنف نفسة كمعارض وهو كذالك فهو معارض للحكم التقليدي الذي يسمية حكما عشائريا ويعمل على ان تتجاوزة الكويت منذ بدأ نشاطة السياسي. هذة المعارضة الدائمة للدكتور أحمد الخطيب ظهرت في الاحداث التي مرت بالكويت مؤخرا حيث انه اصطف الى جانب المعارضة على الرغم من إختلاف الايدلوجيا بينه وبين أغلب الوجوة البارزة في هذة المعارضة. الكتاب يأتي على شكل مذكرات يشرف عليها الدكتور غانم النجار وهو يغطي الفترة من ولادة أحمد الخطيب الى فترة السبعينيات.
شكر و وفاء
يبدأ الدكتور أحمد الخطيب كتابة بشكر و وفاء لكوكبة من رجالات الكويت الذين ضحوا في سبيل بناء الدولة الحديثة بوضع صورهم في الصفحات الأولى هؤلاء الرجال الذين يشكرهم أحمد الخطيب هم اعضاء تجربة المجلس التشريعي التي قامت في الكويت سنة 1938 الى 1939 في عهد الشيخ  أحمد الجابر الصباح (والد الأمير الحالي) المجلس التشريعي هذا سحق بقوة على يد أحمد الجابر بمساعدة القبائل التي ارسلتها السعودية لمعاقبة وترويع المؤيدين لهذة التجربة من هنا نلاحظ النظرة السلبية لدى الدكتورأحمد الخطيب اتجاه النظام السعودي بصفتة العقبة الأكبر في وجه التحول من الحكم العشائري الى الدولة في الخليج العربي. يذكر الدكتور أحمد الخطيب أن أحد أهم الأسباب التي دعته لكتابة المذكرات التدجيل والتزوير الذي تعرض له تاريخ الكويت لصالح العائلة الحاكمة  ويرى انه تم الغاء دور الكويتيين مما أثار أشمئزاز الكثير من الكويتيين وهو منهم.
البدايات
ولد الدكتور أحمدالخطيب في حي الدهلة في وسط الكويت سنة 1928 لأسرة متواضعة الدخل وعمل والدة وجدة كمقاتلين دفاعا عن الكويت يذكر الدكتور  أن والده خسر يدة وأصيب في رجلة في أحد المعارك دفاعا عن الكويت وما أن عاد حتى تم قطع راتبة لانه لم يعد قادرا على حمل السلاح!! قطع الراتب الذي يصفة الدكتور أحمد الخطيب بالجحود من الشيخ أحمد الجابر صعب من وضع الأسرة المادي واضطرت على أثرة والدتة من العمل في المنازل الأخرى. هذة أول إشارة حول مسببات النظرة الغير ايجابية التي يحملها الدكتور أحمد الخطيب اتجاة أسرة الصباح و يبدوا انها من المسببات الأولى لها.
تزايد نفوذ الأسرة
يذكر الدكتور الدكتور أحمد الخطيب انه شهد في بداياتة تزايد نفوذ أبناء الأسرة بعد فشل تجربة المجلس التشريعي بشكل لم يكن يحظوا به من قبل و تعزز هذا النفوذ بعد تصدير النفط حيث لم يعد حكام الكويت يعتمدون على التجار في تغطية تكاليف الحكم مماعزز التفرد به و التسلط  ويروي الدكتور أحمد الخطيب كيف ان الدوائر الحكومية اصبحت تدار وكأنها ملك خاص لمديريها من الأسرة الحاكمة في فترة من الفترات ويضيف ان الدوائر الحكومية  اصبحت ساحة للتنافس بين افراد الأسرة الطامعين في الحكم و تجميع المؤيدين هذا التنافس وصل في بعض الأحيان الى تكديس الأسلحة و جلب المرتزقة  استعدادا للمواجهة بين أبناء الأسرة لصالح هذا الطرف او ذاك. يقول أحمد الخطيب ان العقلاء في الكويت لا يتدخلون في الصراعات بين أجنحة الأسرة الحاكمة لأنهم في النهاية سيكتوون بنيرانها إن فعلوا. وكنتيجة لتزايد النفوذ هذا قام أحد أفراد أسرة الصباح بسلب أرض خاصة بوالدة الدكتور أحمد الخطيب ولم يتمكنوا من استرجاعها حتى اليوم.

الشيعة
كذالك يتذكر الدكتور أحمد الخطيب نقل أسر كاملة كقطيع من أغنام كما يصفهم ونقلهم الى ايران بحجة انهم ايرانيون وخطر على عروبة البلد يلقي الدكتور باللوم حول هذا التصرف على المذهب الوهابي المعادي للشيعة والمحفز للتعصب القبلي العنصري في الجزيرة مما جعل الشيعة يتخوفون من أي ايدلوجيا يتبناها الغالبية خوفا من ان يكتووا بنيرانها بحكم أنهم أقلية وهو يعني هنا تخوفهم من المد القومي.
التدخل السعودي
كما يتذكر الدكتور أحمد الخطيب مشهد رجال عراة الصدور وأشكالهم غريبة يعلقون رجل على خشبة مصلوبة وهو يلفض انفاسة الأخيرة الرجل المعلق كان محمد المنيس احد قادة الحركة الإصلاحية التي اثمرت عن المجلس التشريعي في عامي 1938 و 1939م اما الرجال غريبي الاشكال هم من بعثهم الملك عبدالعزيز لمساعدة الشيخ احمد الجابر في القضاء على تجربة المجلس التشريعي.
الدراسة
درس الدكتور أحمد الخطيب في المدرسة المباركية ليتم بعدها إرسالة الى لبنان ليكمل دراستة في الجامعة الامريكية بمساعدة الأستاذ عبداللطيف الشملان حيث درس الطب في هذة الجامعة وتخرج منها كأول طبيب كويتي في الخمسينيات ويذكر ان دراستة في هذة الجامعة أفادتة حيث ان لبنان كانت تعج بالأفكار السياسية القومية والشيوعية بكافة فصائلها من هنا اتيحت الفرصة للدكتور أحمد الخطيب في التعرف عليها.
العودة
عاد الدكتور أحمد الخطيب الى الكويت كأول طبيب كويتي و محملا بالافكار القومية و التقدمية في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح ولكن ما لبث الدكتور حتى إستقال من العمل الحكومي في الصحة على إثر مواجهة بينه وبين أخ الحاكم أدت الى عراك بينهما مما دفعه الى فتح عيادة خاصة و الإستغناء عن العمل الحكومي. هذة المواجهات بين الدكتور أحمد الخطيب وافراد من أسرة الصباح تكررت أكثر من مره في الكتاب ويذكر ان أحد الشيوخ هدد بقطع رأسة في مجلسة و أمام جمع من الناس عقابا له على نشاطة السياسي.
عبدالله السالم
على الرغم من النظرة الغير ايجابية التي يحملها الدكتور أحمد الخطيب اتجاه الشيوخ من آل الصباح الا انه نلاحظ إحتراما خاصا للشيخ عبدالله السالم  و هو حاكم الكويت من عام 1950م الى  منتصف الستينيات و في عهدة استقلت الكويت ووضع الدستور وأنتخب أول مجلس أمة. يرى الدكتور أحمد الخطيب أن عبدالله السالم وفر نوعا من الانفتاح ساهم في تنشيط الحركة السياسية و الثقافية في الكويت في فترة الخمسينيات ومع ذالك يعتقد صاحب المذكرات إن عبدالله السالم لم يسلم من الضغوطات التي كان يمارسها عليه أفراد الأسرة الحاكمة  للحد من هذا الانفتاح المضر بسلطتهم كما أن السعودية كانت تتدخل للضغط على عبدالله السالم للتراجع عن بعض السياسات المنفتحة والتي ترى فيها السعودية تفريطا في الحكم. عبدالله السالم كما يبدو من كتاب الدكتور أحمد وازن الأمور ارضاءا لعدة اطراف فاعلة في الكويت الشعب والشعور القومي من جهة والأسرة الحاكمة و الحماية البريطانية والجارة السعودية من جهة أخرى. فعبدالله السالم غضب من المناداة بالانضمام الى الوحدة العربية في مهرجان بثانوية الشويخ وأمر قوى الأمن بردع المسؤولين عن هذا المهرجان كما ان عبدالله السالم كان ينزعج من تعليق الكويتيين لصور عبدالناصر ويقول للمقربين منه الا يعلم هؤلاء اني حاكمهم لا عبدالناصر. الا ان عبدالله السالم ونتيجة لتقريبة عددا من القوميين كان اكثر انفتاحا اتجاة الافكار القومية للشباب وتجاوبا معها من بقية أفراد  الأسرة. الشيخ عبدالله السالم اصيب بوعكة صحية في احدى الجلسات الافتتاحية لمجلس الأمة اقعدتة فالفراش حتى وفاتة خلال أسابيع  من إصابتة بها  الدكتورأحمد الخطيب كان ملازما للشيخ عبدالله السالم في فترة مرضة حتى وفاتة الى جانب الشيخ سعد العبدالله السالم إبن الأمير (و ولي العهد و الأمير الوالد لاحقا) وينتقد الدكتور تصرفات آل الصباح اتجاه مرض الأمير حيث  يرى أن معظم افراد الأسرة فرحوا بمرض عبدالله السالم لأنهم كانوا يعتبرونة عقبة في سبيل استمتاعهم بالسلطة المطلقة ويذكر أحمد الخطيب ان حدث وفاة عبدالله السالم طغت علية مظاهر الفرحة لتولي صباح السالم السلطة وتحول الأمر من مناسبة للحزن تقدم فيها التعازي الى مناسبة للفرح تقدم فيها التهاني!!
المجلس التأسيسي
إستقلت الكويت سنة 1961و في سنة62 تشكل المجلس التأسيسي من الوزراء واعضاء اخرين منتخبين لوضع دستور للبلاد و نجح الدكتور أحمد الخطيب في الوصول الى المجلس التأسيسي عن طريق الانتخابات بل ونجح فالوصول الى منصب نائب رئيس في هذا المجلس. وصول أحمد الخطيب الى منصب نائب الرئيس أثار حنق الشيوخ وعملوا بكل جهدهم لكي لايمارس احمد الخطيب دوره كنائب رئيس و يذكر مثلا ان الجلسات التي لايحضرها الرئيس كانت تلغى لكي لا يتمكن الدكتور أحمد الخطيب من ترأس الجلسة!! انبثقت عن هذا المجلس عدة لجان منها لجنة الدستور المكلفة بوضع دستور للبلاد وتكونت من خمسة أعضاء من ضمنهم الشيخ سعد العبدالله لم ينجح الدكتور في الوصول لعضوية لجنة الدستور الا انه يذكر الدور السلبي الذي لعبة الشيخ سعد العبدالله لصالح الأسرة الحاكمة تقييم الدكتور للدستور الذي خرجت به اللجنة انه لابأس به كخطوة أولى على الرغم من تحفظاتة الكثيرة عليه و عرج الدكتور على مسألة الأحزاب السياسية وذكر ان الدستور وضع الباب مواربا اتجاهها لم يمنعها ولم يقرها وترك الأمر للزمن.
مجلس الأمة
دخل الدكتور أحمد الخطيب في اول انتخابات لمجلس الأمة وفاز بمقعد فيه سنة 1963م وكان على علاقة طيبة مع عبدالله السالم إستقال بعدها من مجلس الأمة بعد وفاة عبدالله السالم على إثر احتجاجا من موقف الحكومة اتجاة العمل البرلماني وتدخل الشيوخ فيه.واتى  الدكتور أحمد الخطيب على ذكر تزوير انتخابات سنة 67 من قبل السلطة الحاكمة حيث يشير الى ان السلطة الحقيقة لم تكن في يد الأمير الجديد صباح السالم الذي كان رجلا بسيطا ولكنها كانت في يد  من يصفهم بالثنائي الشيخ جابر الأحمد والشيخ سعد العبدالله و يشير ان الحياة البرلمانية تعرضت للتعطيل على يد هذين الرجلين الى ان علقت نهائيا في السبعينات وهو ما سيأتي على ذكرة في الجزء الثاني من مذكراتة. يذكر الدكتور انه تم تزوير انتخابات 67 بشكل فاضح بتواطؤ واضح من الجماعات الدينية التي سعت لإكتساب الجماهير حيث ان الحكومة قامت بتزوير انتخابات 67 بمساعدة مستشار وزير الداخلية الكويتي وهو إخواني مصري فار من الحكم الناصري و كانت الصناديق تؤخذ الى بيت هذا الإخواني وتستبدل بصناديق أخرى وكما هو متوقع تمكنت السلطة من تدجين البرلمان  يحذر الدكتور أحمد الخطيب الجماهير من الانسياق للاحزاب الدينية لانها ستحفر قبرها بيدها ان فعلت فهذة الاحزاب لا تؤمن بالديمقراطية ولا الدستور!!
الإنجليز و الإصلاح
يرى الدكتور أحمد الخطيب ان الانجليز معارضين للإصلاح ولو أدت بعض تصرفاتهم الى الإعتقاد بعكس ذالك ويعتقد ان ضرب الحركات الإصلاحية يأتي من بريطانيا التي تدعي أول الأمر تعاطفها مع هذة الاحداث كما حدث فالكويت سنة م1938. و يتحدث أحمد الخطيب عن مجلس منتخب في دبي تم قتله من قبل الحاكم عن طريق مكيدة برضا السلطات البريطانية!!! و سعيد بن تيمور ورد فالحديث عن عداء البريطانيين للحركات الاصلاحية ويقول أحمد الخطيب  لو ان بريطانيا تؤيد الإصلاح ما أيدت هذا الرجل طبعا لم يقدم الدكتور جديدا فيما يخص الصورة النمطية للسلطان سعيد بن تيمور خصوصا عند القوميين العرب من منع للنظارت و التعليم وغير ذالك.

العمل القومي في الخليج
يتحدث الدكتور أحمد الخطيب في أخر كتابة عن مساهمة القوميين الكويتيين في العمل القومي العربي ومساعدتهم لإبناء الخليج العربي وجنوب الجزيرة حيث تم تأسيس مكتب تحرير الخليج العربي وجنوب الجزيرة سنة 1956م الذي اشترك فيه عدد كبير من مواطني هذة المنطقة. تكونت الهيئة التنفيذية لمكتب التحرير من 12 عضوا يمثلون بلدان الخليج و اليمن بشقية وكان لسلطنة مسقط ممثل و إمامة عمان ممثل و إمارات ساحل عمان ممثل في الهيئة التنفيذية لمكتب تحرير الخليج وجنوب الجزيرة. ممثل مسقط كان حسين حيدر درويش وممثل عمان محمد أمين عبدالله وكان لهذا المكتب عدة نشاطات ملموسة لدعم حركات التحرر. هذا بعض ما ورد في كتاب الدكتور #أحمد_الخطيب السياسي الكويتي المخضرم على أمل ان اتمكن من قراءة الجزء الثاني منهذة المذكرات.

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

كيف أصبحت الدول الغنية غنية؟ ولماذا تبقى الدول الفقيرة فقيرة؟؟

كتاب كيف اصبحت الدول الغنية غنية ولماذا تبقى الدول الفقيرة فقيرة للمفكر الاقتصادي النرويجي ايريك رينيرت. الكتاب حصل على جائزة ميردال بعد سنة من صدوره وهي جائزة معروفة تمنح للكتب و الدراسات المختصة في الاقتصاد و الكاتب ايريك رينيرت يسعى في كتابة هذا الى نقد الطريقة التي تتعامل بها المؤسسات المالية الدولية مع مشكلة البلدان الفقيرة حيث يجادل رينيرت ان تاريخ التنمية الاقتصادية الذي مرت به الدول الغنية قد تم تجاهله لصالح نظريات لم تثبت صحتها فبعد انهيار جدار برلين وسقوط المعسكر الشرقي ظهرت نظرية نهاية التاريخ والتي تبشر بالسوق الحر في ظل العولمة. السوق الحر سيسمح بحسب منظرية اذا ما تم الاتجاه نحوه بتساوي كل دول العالم في الغنى و الرفاه  اذا ماتخصصت كل دولة في مجال اقتصادي يمكنها المنافسة فيه دوليا و هذا ما سعى رينيرت لدحضة في كتابة.
ضرورة الرجوع للتاريخ
ايريك رينيرت يرجع للتاريخ الذي يصفه انه المختبر الوحيد للعلوم الاقتصادية ويلوم المؤسسات المالية الدولية على تجاهلة فقد درج منظري نهاية التاريخ ومروجي السوق الحر على تشجيع الدول الفقيرة على التخلص من قطاعها الصناعي غير الكفؤ بحجة ان القطاعات الصناعية في الدول الفقيرة غير قادرة على المنافسة دوليا الا اذا ماتم حمايتها من قبل الدولة ضد منافسيها. حماية الدولة وتدخلها في الاقتصاد امر غير مرغوب فيه بتاتا لدى منظري السوق الحر الذي يرونه عقبه في طريق الانفتاح اللازم للدخول في عالم السوق الحر  لذا تنصح المؤسسات المالية العالمية كمنظمة التجارة العالمية و صندوق النقد الدولي عملاءها من الفقراء بالتخلي عن الحماية التي توفرها الدول النامية لصناعاتها  و التخصص في نشاط إقتصادي معين تتمكن من خلاله من منافسة الدول الاخرى وهو غالبا ما يعني ان تتخصص هذة الدول في انتاج المواد الخام سواء كانت ثروات معدنية او محاصيل زراعية  او توفير العمالة الرخيصة وبعد عشرين سنة من رواج موضة السوق الحر و أخذ العديد من الدول النامية بنصائح المؤسسات المالية الدولية اتسعت الرقعة الفاصلة بين الدول الغنية والفقيرة على عكس المبشر به من قبل. هنا يورد ايريك رينيرت تحليله لأسباب هذا الاخفاق من قبل المؤسسات المالية العالمية في رفع الفقر عن الدول الفقيرة و يذكر رينيرت ان هناك نوعين من الانتاج في علم الاقتصاد نوع ايجابي وهو الذي يزيد الدول غنى و إن كانت غير غنية بالموارد الطبيعية و نوع أخر سلبي وهو الذي يفقر دول الثروات. النوع الايجابي من الانتاج هو الانتاج ذو العوائد المتزايدة (increasing returns) وهو الناتج عن مجالات الصناعة والخدمات و النوع السلبي من الانتاج هو الانتاج ذو العوائد المتناقصة (diminishing returns) وهو الناتج عن الإعتماد على تصدير المواد الخام.  الانتاج ذو العوائد المتزايدة يعرف على انه الانتاج الذي يعمد على إعمال الابتكار لصنع بضائع بكميات اكثر و بتكلفة أقل اما الانتاج ذو العوائد المتناقصة فهو الانتاج الذي يعمد على استنزاف الثروات الطبيعية لانتاج كميات اكثر وبتكلفة أكبر و من خلال دراستة لتاريخ الدول الغنية في ايامنا هذه يجادل رينيرت ان كل هذة الدول اعتمدت على الانتاج ذو العوائد المتزايدة وان كل هذة الدول الغنية قامت بحماية صناعاتها ضد المنافسة الخارجية الى ان اصبحت قادرة على مواجهتها  وهو الأمر الذي تحرم منه الدول الفقيره اليوم بحجة ان مثل هكذا حماية تعني الابتعاد عن خيار السوق الحر الموعود. ويحذر رينيرت ان استمرار المؤسسات المالية العالمية في نهجها هذا سيسهم في جعل الدول الغنية متساوية في غناها والدول الفقيرة متساوية في فقرها وتخصصها الفقر بعد ان تنفذ منها الموارد الطبيعية التي جعلت كتخصصات في بداية الأمر و يذكر رينيرت ان هذا التساؤل الذي عنون به كتابة قديم و إجابته تكاد تكون معروفة الى ان تم نسيانها بعد سقوط جدار برلين!!  الايطالي انطونيو سيرا طرح هذا التساؤل في القرن الثالث عشر ميلادي لما البندقية التي تفتقر للموارد الطبيعية غنية!؟  بينما بقية المدن الايطالية الغنية بمواردها الطبيعية فقيرة!! والإجابة كانت ان الانشطة الاقتصادية في البندقية متنوعة وتعتمد في كثير منها على الفنون والصناعات (وبالتالي الابتكار) أي على الانشطة الاقتصادية ذات العوائد المتزايدة وهكذا الأمر في انجلترا حينما اصدر الملك في القرن ال15 قرارات بحماية صناعة الصوف الانجليزية لتتفوق على جاراتها اقتصاديا حيث انه بهذه الخطوة الحمائية أسس القاعدة لتطور القطاع الصناعي الانجليزي على المدى الطويل على عكس الاسبان الذين ما أن استعمروا الامريكيتين وانفتحت لهم خزائن الذهب تخلوا عن الصناعة واكثفوا بهذا المورد الثمين السهل وعلى المدى الطويل وبسبب افتقار اسبانيا للتصنيع لصالح الذهب والزراعة انهارت اسبانيا ولم تنهض و تلحق ببقية الدول الاوربية الا في القرن ال20 وانتهى المقام بهذا الذهب الاسباني الذي تنعمت به مؤقتا في هولندا و انجلترا والبلدان التي كانت تملك قطاعات صناعية. ويمر رينيرت على هولندا والمانيا وفرنسا ويثبت ان اقتصادياتها نهضت بسبب السياسات التي تعارضها منظمة التجارة اليوم.

امريكا نموذج تاريخي
ويشير رينيرت الى الولايات المتحدة وتطورها الاقتصادي بعد استقلالها عن انجلترا في القرن الثامن عشر حيث ارادت انجلترا للولايات المتحدة ان تبقى منبعا للمواد الخام وشجعت على استخراجها ونبذت كل خطط التصنيع وبعد ان نالت الولايات المتحدة استقلالها سعت بعض النخب فيها الى تحويل المجتمع من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي فسخر الانجليز من هذة الخطط الامريكية وحاولوا تثبيطها عن طريق (النصائح الاقتصادية) وشعار عدم القدرة على المنافسة ولعبت على وتر تضخم الدولة الحساس في امريكا الساعية الى الحرية والتي ترى في تدخلات الدولة في الاقتصاد عائق لها ولكن تيار قوي في الكونغرس الامريكي كان يقول لا تقوموا بما يقوله لكم الانجليز قوموا بما قام به الانجليز واستمر هذا الجدال في امريكا في القرن ال19 بين تدخل الدولة لتأسيس الصناعة وعدم تدخلها لصالح الزراعة التقليدية الى ان حسم الصراع في الحرب الأهلية بين الشمال الراغب في التصنيع والجنوب المكتفي بالزراعة لصالح الشمال ونهضت امريكا اقتصاديا. يقول رينيرت انه لو قدر ان انتصر الجنوبيين في تلك الحرب لأصبح حال امريكا إقتصاديا مشابه لحال المكسيك ودول امريكا الجنوبية.

أمثلة أخرى
يذكر رينيرت ان اليابان نهضت في القرن التاسع عشر بنفس الطريقة التي نهضت بها اوروبا في عصر النهضة الا وهي الإهتمام بالتصنيع والفنون فاليابان اهتمت بالتصنيع بسبب أفتقارها للموارد الطبيعية وكذالك حذت حذوها كوريا الجنوبية في النصف الثاني من القرن العشرين وكما يذكر ان استراليا لم تنخدع بنصائح المؤسسات المالية الدولية و واصلت دعمها لقطاعها الصناعي الغير كفؤ بحسب معايير السوق الحر وهي اليوم افضل حالا من الدول التي تخلت عن قطاعها الصناعي رغبة في إرضاء المؤسسات المالية الدولية. رينيرت يقول  ان الدول التي تنال إنتقادات المؤسسات المالية الدولية كالهند والصين أفضل حالا من الدول التي تحظى بالتقارير الجيدة من هذة المؤسسات.

خطة مارشال ودعم الصناعة
بعد الحرب العالمية الثانية ظهر نفس التساؤل الكبير الذي ظهر بعد الحرب العالمية الاولى كيف يتم التعامل مع الدول المهزومة؟؟  حيث ان تحميل المانيا في الحرب العالمية الاولى التعويضات الضخمة ادى الى تدمير الاقتصاد واتاح الفرصة لصعود النازية. فالنازية صعدت بعد ان ادارت ظهرها لكافة التزامات الحرب العالمية الاولى والتي لم يعد بمقدور المانيا تحملها وكثف النازيين من عملية الانتاج الصناعي لينتقموا لاحقا من اعدائهم.نتيجة لذالك ظهر في واشنطن رأيين حول كيفية التصرف مع اقتصاد اوربا المنهار بعيد الحرب العالمية الثانية رأي بقيادة هينري مورغنثاو وزير الخزانة الامريكية و الاخر بقيادة الفريد مارشال وزير الخارجية الامريكية. يقضي الرأي الذي يتزعمه مورغنثاو بمنع اوربا من اعادة بناء قطاعها الصناعي لتبقى دولا ضعيفة يسهل السيطرة عليها وبالفعل تم العمل برأي مورغنثاو لمدة سنتين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية  الى ان استشعرت امريكا بقوة التهديد الشيوعي. بفضل التهديد الشيوعي استغنت امريكا عن فكرة تدمير اقتصاد دول المحور التي تدعمها خطة مورغنثاو واستبدلتها بخطة مارشال التي عملت على إعادة بناء الاقتصاد الاوربي عن طريق دعم التصنيع بقوة لمواجهة خطر الشيوعية ويشير رينيرت ان امريكا شكلت بتبنيها خطة مارشال  جدارا من الاقتصاديات القوية يحيط بعدوها الأول الاتحاد السوفيتي حيث تمكنت من خلق اقتصاد قوي في كل من المانيا الغربية وايطاليا وهي متاخمة للإتحاد السوفيتي في الغرب واليابان وكوريا في الشرق يشير رينيرت انه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم تعد امريكا في حاجة الى خلق اقتصادات قوية توقف الزحف الشيوعي ونتيجة لذالك حرمت دول العالم الثالق من تطوير قطاع صناعي فعال واقنعت بطريقة او بأخرى بالتخصص في تصدير المواد الخام و العمالة الرخيصة !!
يشير رينيرت الى ان دول المجاعات كأثيوبيا والسودان غالبا ما تكون اغنى في مواردها الطبيعية من عدة دول صناعية!! ولكن بسبب اعتمادها على تصدير المواد الخام وهي تمثل الانتاج ذو العوائد المتناقصة فهي تضل في حالة بؤس اقتصادي مزمن الكتاب غني بالأمثلة حول الدول التي عملت على خلق إنتاج ذو عوائد متزايدة و ازدهرت وبين دول اكتفت بغناها الطبيعي واندثرت!! يبدو ان بلداننا في الخليج ستواجهة نفس مصير اسبانيا قبل خمس قرون فقر بعد بحبوحه مزيفة أستفاد منها الغير!!
الكتاب جدا مفيد من حيث معرفة تاريخ التطور الاقتصادي لعدة بلدان و اتمنى ان يترجم للغة العربية ليستفاد من مادتة الدسمة.

الاثنين، 10 يونيو 2013

نهاية السياسة و ولادة ديمقراطية الانترنت

كتاب نهاية السياسة و ولادة ديمقراطية الانترنت للبرلماني البريطاني المحافظ دوغلاس كارسويل يتنبئ فيه بنهاية النموذج الغربي التقليدي للديمقراطية. الكاتب دوغلاس كارسويل عضو في البرلمان البريطاني منذ عام 2005 وينتمي الى حزب المحافظين و يعتبر من الراديكاليين المعارضين للارتباط بالاتحاد الاوربي و من المؤيدين للامركزية بحيث يطالب بتقليص حجم الحكومة الى اقصى حد ممكن لصالح المجالس المحلية في المقاطعات البريطانية و لأفكار كارسويل صوت مسموع و قبول لا يستهان به في اوساط المنتمين لحزب المحافظين حيث يقول عمدة لندن المحافظ المشهور بوريس جونسون والمرشح بقوة لخلافة ديفيد كاميرون على رئاسة الحزب عن كتاب زميلة في حزب المحافظين: (انه وضع أصبعه على معضلة العصر في هذا الكتاب المذهل الذي كتبة صوت محافظ مجدد و مستقل). يجادل الكاتب ان المستقبل لم يعد يحتمل الحكومات الكبيرة المنتشرة الأن في معظم دول العالم ومن بينها الدول الديمقراطية الغربية وأن المستقبل هو للسوق الحر مع أقل قدر ممكن من تدخل الحكومة و أصغر حجم ممكن لها!! و هذا بفضل الثوره الرقمية.الكتاب لم يأتي بنظريات جديدة ولكنه استحضر ماأتى به العالم الإقتصادي الكبير فريدريك فون هايك وأنزلة على الواقع ليثبت صحتة. نظريات هايك الإقتصادية تلاقي قبولا قويا في وسط المحافظين وقد سبق ان وصفتة ثاتشر بنبي الرأسمالية في القرن العشرين و كانت ثاتشر تتخذ من نظريات هايك منهجا لها ومن رحم هذة النظريات خرج النهج الثاتشري الرأسمالي في الحكم و هو الداعم للسوق الحر و الذي تأثرت به العديد من دول العالم و من بينها السلطنة ومن ابرز ملامح هذا النهج الخصخصة. قد يكون الكاتب دوغلاس كارسويل و نظرا لميولة السياسية متطرفا في عداءة لتضخم الحكومة وبالنتيجة دولة الرفاة ولكن كتابة مليئ بالمعلومات والأرقام المثيرة حول الدول الغربية فهذة الأرقام والمؤشرات تأتي من شخص داخل في الوسط السياسي البريطاني وعضو الحزب الحاكم فيه و تستحق التأمل والتوقف عندها للتفكير فيها.

الديمقراطية و الحكومة المتضخمة
 يقول الكاتب في المقدمة أن الغرب أفلس ماليا بسبب أن الديمقراطية الغربية التقليدية فشلت سياسيا ولم تعد آلياتها مجدية فالديمقراطية الغربية لم تلتزم منذ فتره ولعوامل عدة بجعل الحكومة صغيرة الى اقصى حد ممكن مما أدى الى تضخم النخب البيروقراطية وسيطرتها على البرلمان فالانتخابات لم تعد تقرر ما يجب على الحكومة فعله فكل الوعود الأنتخابية تنصهر أمام نيران الحكومة المتضخمة بقيادة البيروقراطيين و يرى الكاتب ان الانحدار في مستوى الاقبال على الانتخابات لم يعد مفاجئ فعدد الناس اليأسين من جدوى الانتخاب في ازدياد. يقول الكاتب في الفصل الأول والذي عنونه بالحكومة تستمر في التضخم ان الحكومات الغربية اليوم اضخم من الحكومات الماركسية و الدول الغربية الرأسمالية كالولايات المتحدة وبريطانيا وهي المتبعة لنهج السوق الحر تملك حكومات اكبر حجما من حكومة الاتحاد السوفيتي الشمولي!! يرى الكاتب ان هذا التضخم الحكومي ادى الى حصول المواطن البريطاني على خدمة رديئة من القطاع العام مقابل سعر أعلى مما يمكن ان يوفرة القطاع الخاص. فالأحتكار الذي تمارسة الحكومة في مجالات عملها يقتل حس المنافسة الموجود في السوق الحر وبالتالي يقلل من جودة الخدمة و يستحضر كارسويل قطاع التعليم في بريطانيا مثالا على ذالك ويقول ان عدد العاملين في وزارة التعليم يفوق عدد المعلمين أنفسهم مما ادى الى ان كلفة تشغيل قطاع التعليم الحكومي أعلى كلفة من تشغيل قطاع التعليم الخاص و أقل كفاءة منه !!!! يصر كارسويل انه كلما زاد حجم الحكومة كلما قل تحكم المواطنين بها من خلال الديمقراطية وهذا ماهو حاصل في الغرب فالهيئات الحكومية الغير منتخبة في الغرب لم تعد فقط خارج نطاق محاسبة البرلمانات فعليا بل انها تسيطر على الأخيرة لصالحها فرأس الحكومة و الوزراء وإن كانوا منتخبين يضطرون للخضوع لقوة هذة المؤسسات البيروقراطية العديدة الناتجة عن الحكومة المتضخمة مما يعني بالنتيجة خضوع حزب الأغلبية الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة لنفس الضغوط على حساب رغبات الناخبين. كارسويل يشير الى ان دور البرلمانيين الفعلي تحول الى تزيين رغبات الحكومة للناخبين لا فرض رغبات الناخبين على الحكومة!!

أسباب تضخم الحكومات
في الفصل الثاني من الكتاب الذي عنونة دوغلاس كارسويل بهذا التساؤل: لماذا تتضخم الحكومة؟ يورد مسيرة تضخم الحكومات في الغرب و يرجع كارسويل للتاريخ ويذكر ان من اهم ادوار البرلمانيين قبل القرن التاسع عشر هو ابقاء الحكومة في أصغر حجم ممكن ولم تتضخم الحكومة الا في القرن العشرين نتيجة الافكار الاشتراكية التي انتشرت في بدايات القرن نتيجة الثورة الصناعية في القرن الذي سبقة وطالبت بتدخل الحكومة لصالح العمال ويشير كارسويل في هذا الفصل انه لا يمكن القاء اللوم على الديمقراطية التي لبت رغبات الجماهير بل على النخب التي تلاعبت بهذة الرغبات. ويرجع كارسويل مرة اخرى للتاريخ ويشير الى بروسيا التي كانت تملك نظاما انتخابيا يضمن نخبوية اعضاء المجلس التشريعي في القرن ال19 هي أول دولة تتبنى إصدار قوانين لصالح ماعرف لاحقا بدولة الرفاة عن طريق هذا المجلس النخبوي وبالتالي الحكومة المتضخمة هي نتاج النخب لا الجماهير وبذالك فالمطالبات بالمزيد من التدخل الحكومي لصالح الايدلوجيات المثالية اتت من الأعلى (النخب) لا من الأسفل (الجماهير)!! يصف كارسويل هذة النخب بالغرور على مختلف مشاربها ويستحضر اقوال المفكر الأقتصادي الكبير فريدرك هايك حولها حيث يعتقد هايك ان هذه النخب الرأسمالية او الشيوعية او  غيرها عندما تجزم ان لديها خطط وتصاميم للسيطرة على السوق لصالح الشعب فهي واهمة حيث ان السوق تتحكم فيه رغبات ملايين البشر بشكل فردي التي لا يمكن لاحد ان يتنبئ بها وبالتالي يضع خطة للسيطرة عليها و يضيف الكاتب انه بتغيير نظام الضرائب من الضريبة على أساس الملكية الى الضريبة على أساس الدخل تمكنت الحكومة من إخفاء التكلفة الحقيقة لإدارتها ويورد موضحا مثالا على ذالك انه اذا جلس ثمانية اشخاص على طاولة مطعم وطلب منهم ان يتقاسموا الفاتورة بالتساوي من الارجح ان ترتفع هذة الفاتورة بالمقارنة بإذا ماطلب من كلا منهم دفع قيمة ماطلبة وهكذا الفرق بين ضريبة الملكية والدخل و من هنا كانت ضريبة الدخل الغير عادلة من وجهة نظر الكاتب وفردريك هايك من قبله هي الغطاء الرئيسي الأول المساعد في تضخم الحكومة و الغطاء الثاني يكمن السندات الحكومية التي سمحت المجالس التشريعية للحكومات بإصدارها دون الرجوع لها عدا في الولايات المتحدة التي مازالت الحكومة فيها في حاجة الى موافقة الكونغرس للإستدانة.يرى كارسويل ان امتلاك الحكومة لهذة القدرة على اصدار السندات وزيادة الدين العام امر كارثي تسبب فيما تعاني منه اوربا اليوم فبإصدار هذة السندات تقوم الحكومة بوضع ديون على ظهور المواطنين ولو بشكل غير مباشر لمصالحها قصيرة المدى. اما الغطاء الثالث لتضخم الحكومة هو قدرتها على التلاعب بالتضخم بعدما تم الاستغناء عن الذهب كمعيار لإصدار العملات بهذة الوسائل تمكنت الحكومات الغربية من التضخم ولهذة الوسائل الثلاث يعتقد كارسويل نتائج وخيمة الى جانب التضخم الحكومي نفسه.

موت السياسة التقليدية
عنون كارسويل الفصل الرابع من كتابة بموت السياسة حيث يعتقد ان الحكم الأن في يد النخب التكنوقراطية لا السياسيين المنتخبين ويرى كارسويل ان نتيجة لذالك بدأ الناس في الغرب بالعزوف عن ممارسة الحق الانتخابي كل سنة بنسبة اكبر من التي سبقتها فالإستطلاعات تظهر ان 20% من البريطانيين يعتقدون انه لافائدة من الانتخابات بالمقارنة مع 3% في الثمانينات والرقم مرشح للزيادة كما ان 26% فقط من البريطانيين يعتقدون ان البرلمانيين يعملون لصالح مجتمعاتهم!! ونسبة مقاربة تؤمن بصدق برلمانييها  و4% من البريطانيين يعتقدون ان البرلمانيين يقدمون مصالح المجتمع على مصالحهم الشخصية !! كما ان الانتساب للاحزاب السياسية تراجع بشكل ملحوظ في كل اوربا وانخفض الى النصف في كل من اسبانيا والبرتغال!! ويلخص كارسويل وضع السياسيين اليوم واهتزاز الثقة فيهم ان السياسيين يدعون حكمنا ونحن (الناخبين) ندعي انتخابهم!! بينما السلطة الحقيقية في يد النخب البيروقراطية الغير منتخبة الناتجة عن تضخم الحكومة والتي انتجت الدولة الغير كفؤه وهذا عنوان الفصل الخامس.

عواقب الحكومة المتضخمة
يورد دوغلاس في الفصل الخامس من الكتاب عواقب تضخم الحكومة على المجتمع في شتى المجالات منها مثلا ان خمس البالغين البريطانيين يصنفون عمليا أميين لعدم تمكنهم من القراءة والكتابة بشكل صحيح!! وان اربعة مرضى يموتون يوميا في مستشفيات الحكومة نتيجة العطش وعدم الأهتمام في هذة المستشفيات الحكومية!! كل هذا يعزوة كارسويل لضخامة حجم الحكومة ومركزيتها التي تسبب نقص في التواصل وقلة مرونة وتلاعب بالمعلومات و غير ذالك من آفات المركزية حيث يقول الكاتب انه كلما زاد حجم المؤسسة الحكومية كلما كان المسؤولين فيها يعملون في عالم خيالي بعيد عن الواقع في الارض. فالصرف على قطاع الصحة في بريطانيا ارتفع في العقد الاخير بحوالي 5% ولكن فعالية القطاع وجودتة ارتفعت بنسبة 0.2% في نفس الفترة!! ويقارن هذا الامر بالذهاب الى البقالة واكتشاف ان فاتورتك ارتفعت الى ضعف الفاتورة المعتادة بينما لم تزد المشتريات الا بمقدار العشر. يجادل كارسويل ان هذة نتيجة الحكومات الضخمة فهي تطالب بالمزيد من الاموال مقابل قدر أقل من الخدمات وكفاءة أقل من القطاع الخاص.

أزمة الديون الأمريكية
ولم تتوقف عدم كفاءة الدولة ذات الحكومة المتضخمة على الجوانب الخدماتية كالتعليم والصحة وانما امتدت للجوانب الاقتصادية ايضا يقول كارسويل انه في الولايات المتحدة وبسبب ان البنوك تم اجبارها من قبل الحكومة على منح قروض للغير قادرين على السداد من باب مساعدة فئات ذوي الدخل المحدود رغم أن هذة الفئة غير قادرة على السداد و بعدما ساهم دخولهم في سوق العقارات في رفع اسعار العقار بصورة خيالية مما سبب ازمة العقار التي عصفت بالبنوك الامريكية مسببة اضرارا فادحة في الاقتصاد حيث اصبحت البنوك الامريكية مدينة بسبب هذا البرنامج ذو الظاهر الانساني بما يزيد عن 300 بليون دولار يتحملها الشعب الامريكي في نهاية المطاف هذا البرنامج وعلى الرغم من مقاصده النبيلة لم يخدم على المدى الطويل محدودي الدخل بل وسع شريحة من لا يملكون منازل لتشمل اخرين كانوا قادرين على الاحتفاظ بمنازلهم لولا تدخل الحكومة!!

عواقب الإقتصاديين
الفصل السادس من الكتاب بعنوان العواقب الإقتصادية للإقتصاديين!! وفيه يورد كارسويل النظريات الهايكية حول استحالة تخطيط السوق ويفتتح كارسويل هذا الفصل بجملة لعالم الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل فردريك أوغسط فون هايك حيث يقول: (المهمة الغريبة للاقتصاد هي الإثبات للبعض كم هو قليل ما يعلمونة حول ما يتصورن انه بإمكانهم التحكم به وتخطيطه) يعتقد هايك ان السوق لا يمكن التحكم به وتخطيطة بخطة كبرى كما يتصور الكينزيين (اتباع عالم الأقتصاد المنافس البريطاني جون ميرالد كينز) لذالك لا جدوى من اقحام الحكومة في شؤونة حتى إن تعثر فالسوق يصلح نفسه بنفسه وتدخل الحكومة يزيده تعثر عاجلا ام اجلا ويقول كارسويل ان الاقتصاديين الذين يعملون في الحكومة يقومون بمجاملتها وترقيع المشاكل لا حلها لكي لا يتم الاستغناء عن خدماتهم وهم دائما ما يفضلون رفع المصروفات الحكومية لضخ اموال للسوق ويتجاهلون خيار خفض الضرائب لكي لا تخرج الاموال منه اساسا فخفض الضرائب يعني حكومة اصغر وبالتالي تدخل اقل في السوق و بالتالي الاستغناء عن خدمات معظم هؤلاء الخبراء الاقتصاديين.

الصين نموذجا!!
 ويقارن كارسويل بين حكومتي اليونان والصين فاليونان استمرت في الاستدانة والصرف لتتماهى مع شريكاتها في الاتحاد الاوربي في مجال دولة الرفاة دون الالتفات الى قدرتها الحقيقة على السداد بينما الصين استمرت في الانتاج والادخار الى ان اصبحت تملك اكبر احتياطي نقدي في العالم!!  يقول كارسويل ان الاتحاد الاوربي عندما لجئ الى الصين لإخراج اوربا من ديونها كان غير منطقيا فكيف يطلب من الصين التي يبلغ معدل دخل الفرد السنوي فيها 5000$ بسداد ديون اوربا التي يبلغ معدل دخل الفرد فيها 30000$ فلا يوجد منطق يتوقع من الصيني الذي يعمل ويجتهد ان يسدد ديون الاوربي الذي يدفع له كإعانة بطالة ما يدفع للعامل الصيني كراتب عمل. الكاتب يذكر ان تكلفة تشغيل الحكومة الصينية أقل من 10% من الناتج الاجمالي القومي بينما تصل في الغرب الى 25% وهذا أمر مثير للسخرية اذا ما تذكرنا أن الصين يفترض ان تكون دولة ذات حكومة شمولية و الغرب يفترض ان يكون داعما للديمقراطية. نتيجة هذا التضخم في الحكومات الغربية بما فيها الولايات المتحدة كانت كارثية و أدت الى الأزمة الاقتصادية التي ضربت الغرب فالكونغرس الامريكي وافق على الاستدانة للخروج من هذة الازمة في سنتين مايزيد عن المبالغ التي وافق عليها خلال 200 سنة من تاريخة!! فلو تم توزيع هذة الديون الحكومية على الشعب الامريكي مباشرة لتحمل كل فرد امريكي مايزيد عن 100000$ على عاتقة ويضيف كارسويل ان المواطن الامريكي هو الضحية وعليه ان يدفع الضرائب التي ستذهب لسداد الديون الناتجة عن تدخل الحكومة المتضخمة.نتيجة لكل ذالك يرى كارسويل ان الازمة الاقتصادية تشكل نهاية الطريق لحكومات التكنوقراط المتضخمة والسلطة سترجع للشعب مجددا.

ديمقراطية الانترنت لصالح اللامركزية
يرى كارسويل في الجزء الثاني من كتابة المعنون بولادة ديمقراطية الانترنت ان الحكومات سترجع الى ما كانت عليه في القرن ال19 من صغر ولكن هذة المرة بفضل الثورة الرقمية لا بفضل ضغوط الاقطاعيين والرأسماليين ولن يكون هناك مجال واسع للسياسيين للتحكم بالجماهير فبضل ثورة المعلومات تقلصت الهوة بين السياسي والعامي فلم يعد السياسي بعد اليوم قادر على ادعاء معرفة ما لا يعرفة العامي ففي السابق كان اعضاء البرلمان البريطانيين يتميزون بمعرفتهم بما يدور في الويستمنستر والوايت هول وصالونات لندن السياسية دون غيرهم فبقية الشعب ونتيجة لبعد المسافات في القرن ال19 و تحكم الاحزاب بالاعلام في القرن ال20 لايتسنى لهم معرفة ما يعرفه برلمانييهم ولكن مع الثورة الرقمية وتوفر معظم المعلومات لمن يريد الحصول عليها لم يعد السياسي يملك هذا التميز الذي كان له في ماقبل الانترنت. الثورة الرقمية تشكل انقلابا على طغيان النخب وستغير شكل العالم كما حصل في الثورتين الصناعية والزراعية من قبل و يرى كارسويل ان الثورة الرقمية ستقضي على ما يميز النخب والمثقفين عن العامة و يستشهد بهايك مجددا حول هذا الموضوع فهايك يعتقد ان مكانة النخب المثقفة مكتسبة من انهم يسمعون بالافكار والنظريات الجديدة قبل العامة وحالما يفقدون هذة الميزة تسقط نخبويتهم.

موت الآليات القديمة
الفصل الثامن من الكتاب بعنوان سياسة الانترنت و هو يشرح كيف ستموت السياسة التقليدية في الغرب لصالح سياسة الانترنت الجديدة يرى الكاتب ان سياسة الانترنت لا تعني بالضرورة الاستغناء عن الانتخابات او الديمقراطية بحد ذاتها بل الاستغناء عن بعض آلياتها القديمة فكما ان الاي بود وغيرة من الاجهزة اتاح للفرد السماع لأغانية المفضلة في اي وقت دون الحاجة لإنتظار بثها في الإذاعة او شراء شريط كامل لا تعجبه منه سوى اغنية واحده فكذالك ستكون خيارات الافراد في السياسة !!! حيث يرى كارسويل ان المواطن لن يعود مجبرا في ديمقراطية الانترنت على انتخاب حزب لمجرد انه يوافقهم في شيئ واحد او حتى نكاية في الاحزاب الاخرى ولكنه سيكون حرا في ايصال صوتة لصالح موضوعات محددة  دون وصاية من الاحزاب فالشعب اصبحت لدية آلية ممكنة من خلال الثورة الرقمية لإيصال صوتة كصانع للقرار في شتى المواضيع التي تهمة.وليس الانتظار في صفوف طويلة كل عدة سنوات ليعاقب حزب او يوصل أخر للسلطة فبأستطاعتة اليوم المراقبة والمشاركة دون وصاية من أي حزب او مجموعة. نتيجة لذالك يتوقع كارسويل انه لا مكان للاحزاب السياسية بهيكليتها المركزية في مستقبل الديمقراطية الانترنتية.

السوق الحر
يرى كارسويل ان ديمقراطية القرن ال21 ستتحكم فيها العلاقة بين الزبائن المستهلكين و الحكومة لصالح القطاع الخاص و تحجيم دور الحكومة  مثل ما تحكمت العلاقة بين النقابات العمالية و الحكومة في ديمقراطية القرن ال20 لصالح القطاع العام و تضخيم الحكومة بالاضافة الى ان كارسويل يرى ان قوة المواطنين المستهلكين في السوق الحر ستسحب بساط السياسة من النخب اليمينية و اليسارية لصالح القواعد الشعبية التي ستتحرر من التبعية السياسية لهذة النخب وستقرر مايصلح لها بنفسها دون وصاية من اي ايدلوجية. 

الانترنت
الفصل العاشر جاء تحت عنوان دولة الانترنت!! حيث يرى الكاتب ان الانترنت سيتيح للدولة اخذ رأي الشعب في اي وقت بشكل اسهل فالانتخابات التشريعية التي يتم فيها التوهم ان الفائزين فيها سيكونون أهل للتحدث عن هذه الاعداد المليونية لم تعد مجدية في دولة الانترنت فبإمكان الحكومة في دولة الإنترنت الرجوع للمواطنين مباشرة كلا فيما يخصه دون الحاجة الى هذا الوسيط المسمى بعضو البرلمان!!

كيف تقدم الغرب ولماذا يتراجع؟!
الفصل الأخير من هذا الكتاب جاء معنونا بهذا التساؤل: هل ما زال الغرب أفضل؟ is the west still best?  يتسائل كارسويل حول  سبب تراجع الغربيين على المستوى العالمي بعدما كانوا متقدمين على باقي شعوب العالم في القرون الأخيرة كارسويل يقول ان مجموعة ال8 للدول الصناعية الكبرى اجتيحت من قبل دول الشرق لذا خلقوا مجموعة ال20 للحفاظ على التمثيل الغربي يرى كارسويل انه على دول الغرب بحلول 2030 ان تسعى لقيام مجموعة ال30 او ال50 لكي تضمن تواجدها في داخل هذة المجموعات يرجع الكاتب دوغلاس كارسويل للتاريخ ليستوضح سبب تقدم الغرب قبل عدة قرون ليفهم سبب تراجعهم الآن !! فيذكر انه قبل الف عام لم يكن الاوربيين افقر فقط من الهنود والصينيين بل ان دخول الافراد الاوربيين اقل من المتوسط العالمي !! يرى كارسويل ان الغرب بدأ في التقدم عندما تخلص من السلطة المركزية الموحدة في روما واصبح يملك حكومات غير مركزية عديده ويستشهد في ذالك بكتاب المعجزة الاوربية لجونز الذي يعتقد ان سبب تقدم الغرب هو تخلصها من الحكومات الامبراطورية المركزية ففي الوقت الذي كان المينغ يحكمون الصين و المغول يحكمون الهند والعثمانيين العالم الاسلامي بشكل امبراطوري مركزي تمتعت اوربا بقيام عدة دويلات ساهمت في ابقاء حجم الحكومة في اصغر حد ممكن وحالت دون تدخلات البيروقراطيين في العواصم الامبراطورية من هنا يعتقد كارسويل ان اللامركزية في الحكم وبالتالي الحكومات الصغيرة كانت من أهم عوامل تقدم العالم الغربي على البقية وانه اذا اراد الغرب الحفاظ على هذة المكانة عليه التخلي عن خططه الوحدوية السائرة في اتجاة المركزية وحكم البيروقراط  وهو بذالك يصرح بوجوب عدم اعتماد بريطانيا على الاتحاد الاوربي و فك ارتباطها به والسير في اتجاة اللامركزية الخلاقة تاريخيا. شخصيا اعتقد ان في حديث كارسويل حول الفوائد التاريخية للامركزية شيئ كثير من الصحة وله شواهد عده من تاريخنا الاسلامي فهل كانت عمان ستتمكن مثلا من الوصول الى ما وصلت اليه في عهد اليعاربة اذا كانت ولاية تابعة للخلافة العثمانية في الآستانة!! والم تزدهر مصر عند قيام دول تتسم بقدر كبير من الاستقلالية وتنحدر عندما تتبع مباشرة لحكم الخليفة في دمشق او بغداد او القسطنطينية!! ناهيك عن الاندلس وازدهارها الذي بلغ اوجه في عصر ملوك الطوائف وتشتتها الى دويلات عدة!! بالاضافة الى حاضرنا في هذة المنطقة الذي نرى فيه الدول الصغيرة اكثر تقدما وازدهارا من الدول الكبيرة بما فيها البحرين فعلى الرغم ان النفط نضب من هذة الدولة الخليجية الصغيرة الا ان الوضع الاقتصادي لشعبها يضاهي وضع جارتها النفطية الكبرى!! هنا ينتهي كتاب دوغلاس كارسويل مبشرا باللامركزية و السوق الحر بفضل الثورة الرقمية ومؤذنا بإنتهاء نموذج الديمقراطيات التقليدية و ولادة ديمقراطية الانترنت التي لن يتحكم فيها البيروقراط و الاحزاب بهيكلياتها القديمة ولا النخب المثقفة المتعالية و بذالك ننتهي من أستعراض كتاب نهاية السياسة و ولادة ديمقراطية الانترنت للبرلماني البريطاني المحافظ دوغلاس كارسويل.

الجمعة، 31 مايو 2013

الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية شبهات و ردود


كتاب الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية شبهات و ردود للأستاذ الدكتور توفيق الواعي أحد أعلام جماعة الإخوان. الواعي عمل في الكويت منذ السبعينات و أقام فيها فترة طويلة وعمل رئيسا للجنة تطوير المناهج الإسلامية فيها وهو من كبار رجال الجماعة هناك. الكتاب صدرت طبعته الأولى سنة 2001 أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر والأحداث الجسام التي تلته على مستوى المنطقة وهو يسلط الضوء على الشبهات التي أطلقها بعض أعداء الإخوان حولهم ويرد عليها. الأعداء المقصودين ليسوا الليبراليين أو العلمانيين بل السلفيين!! يعتقد الدكتور الواعي إن الليبرالية والعلمانية أقل خطرا على الأمة من أدعياء السلفية الذين يسهمون بعمد أو بجهل في بقاء الوضع المتردي الذي تعاني منه الأمة الإسلامية. الدكتور الواعي وبحكم عمله في الكويت يتجنب التهجم على السعودية ومؤسساتها الدينية مباشرة ولكنه يهاجم الفكر السلفي المبتعد عن العمل في السياسة و المفرط في طاعته لمن يسميهم ولاة الأمر و الذين عرفوا اصطلاحا في المملكة العربية السعودية بالجامية. يقابل النهج الجامي السلفي النهج السروري الذي يتهمه الجامية بالتأثر بنهج الأخوان و التدخل في السياسة. أما في الكتاب الذي نستعرضه اليوم فلا يستخدم الواعي هذه المصطلحات السعودية الأصل ويصنف السلفية الى نوعين أدعياء و متعقلين و يبدو انه يقصد بالأدعياء الجامية و المتعقلين السرورية.

أسباب تهجم السلفية على الإخوان
  يعزو الدكتور توفيق الواعي سبب تهجم السلفية الجامية على الإخوان إلى خمسة أسباب:
أولا) السطحية العقلية و العلمية لهؤلاء السلفية.
 ثانيا) مرض التدين المصاب به السلفية الجامية والذي يراه محاولة لإثبات الذات وتعويض نقص يعاني منه هؤلاء القوم أدعياء السلفية.
 ثالثا) الأيدي الخفية لأعداء الإسلام الذين يستغلون سذاجة هؤلاء المدعين للسلفية في شق وحدة الصف الإسلامي.
 رابعا) الحسد الذي يجعل هؤلاء يغارون من ان يقوم أحد برفع راية الإسلام بشكل أفضل مما هم يفعلونه.
خامسا) إيحاءات بعض الأنظمة العربية التي تستمتع بضرب الحركات الإسلامية ببعضها  ويعتقد الواعي ان الأنظمة المستبدة استفادت من بلهاء المتدينين والمنغلقين فكريا لخلق إسلام مناسب لها يدع ما لقيصر وما لله لقيصر!!
الرد على شبهات السلفية
 قام الواعي بالرد أولا على الشبهات المتعلقة بالعقائد من قبيل التصوف والقبورية والتوسل وشبهة الأسماء والصفات والتشابه والتفويض  وهي مسائل أثارها السلفية للتشكيك في صحة عقيدة الإخوان المسلمين وقد قام الدكتور الواعي بالرد على كل واحده منها بالتفصيل ويستشهد الواعي في ردوده بآراء أبن تيمية بل و الشيخ محمد أبن عبدالوهاب أن أستدعى الأمر لتأييد ردوده على هذه الشبهات السلفية. يبين الواعي منهج الإخوان في التعامل مع هكذا خلافات فرعية القائم على عدم تهويلها والدعوة الى تصحيحها بالتي هي أحسن حفاظا على الوحدة ويستشهد بذالك بكلام الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة حيث يقول في أحد رسائله: (إن الناس يعيشون في أكواخ من عقائدهم فلا تهدموا عليهم أكواخهم ولكن أبنوا لهم قصرا من العقيدة السمحة وعندها سيهدمون أكواخهم بأيديهم) ويرد الواعي شبهة عدم الاهتمام بدراسة العقيدة التي يلصقها السلفيين بالإخوان بأن الإخوان أكثر الناس دراسة للعقيدة ولكن الفرق بينهم وبين السلفيين أنهم لا يثيرون هذه النقاشات الخاصة بين العوام ويحصرونها في مستوى العلماء كما ينبغي أن تكون. من ضمن الشبهات التي أطلقها السلفيين حول الإخوان شبهة جذب الجماهير! حيث يعتقد السلفية أن الإخوان يجذبونهم دونما الاهتمام بعقائدهم بينما يرى الإخوان أن استمالة الجماهير للتعاطف معهم أهم من تصحيح معتقداتهم لما في ذالك من صلاح للأمة الإسلامية أما شبهة العمل السياسي فيرد عليها الواعي إن الأخوان المسلمون يعتقدون أن المسلم لا يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيا مهتما بأمته ويرد الواعي على شبهه أخرى طرحها السلفيين وهي شبهة العمل بالدستور و القوانين الوضعية التي يحرمها السلفية حيث يرى الواعي إن المسلم مطالب بالأخذ بأدوات العصر فالإسلام ليس جامدا وهو يستوعب قضايا العصر وصالح لكل مكان وزمان بل أن الإخوان يعتقدون إن نظام الحكم الدستوري هو أقرب الأنظمة للإسلام وهم لا يعدلون به نظام آخر
يتهم السلفية الإخوان بتأييد الديمقراطية وهي كفر صريح من حيث إن الحاكمية لله والحكم في الديمقراطية للأكثرية من البشر ويستشهد السلفية بهذه الآية الكريمة (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) لتأكيد ضلال الأكثرية يرى الواعي إن ضلال الأكثرية يكون في حالة عدم التزامهم بالدين ويرى ان الديمقراطية في الدول الإسلامية لا يمكن أن تؤدي إلى ذالك ويرى الواعي إن الديمقراطية هي آلية تنفيذ الشورى الإسلامية و إذا وجدت آلية أخرى أسلم فلا بأس أن تأخذ بها الأمة أما شبهة دخول البرلمان الذي يرمي بها السلفيين الإخوان فيرد عليها الواعي أن الإسلاميين لا يجب إن يتركوا الحبل عالغارب للعلمانيين وانه بالامتناع عن دخول الإسلاميين للبرلمان سيصفى الجو لأعداء الدين من ليبراليين وشيوعيين وغيرهم من أصحاب الافكار العلمانية الخطرة ويشبه الداعي دخول الإسلاميين البرلمانات بثناء النبي الأكرم على حلف الفضول الذي نشأ في الجاهلية لنصرة المظلومين ويرى الداعي إن دخول السلفيين انفسهم في المعترك البرلماني بعدما كانوا ينتقدون الإخوان على ذالك دليل على بعد نظر الإخوان حيث قام العديد من السلفيين بدخول المعترك البرلماني خصوصا في الكويت في التسعينات ويسميهم الواعي العقلاء ولكنهم لم يسلموا من غضب الجامية او من يسميهم الواعي أدعياء السلفية ويرد الواعي على شبهة عدم الحكم بما أنزل الله في الدول التي يدخل الإخوان برلماناتها ان دخول الإخوان أصلا للمطالبة بفرض هذا الحكم وإنهم كانوا دائما في صفوف المعارضة ورفضوا الدخول في أي حكومة لا تحكم بما أنزل الله واستشهد برفضهم الدخول في حكومة محمد نجيب فالواعي يورد انه بعد ثورة يوليو طلب اللواء محمد نجيب منهم الدخول في الحكومة ورفضوا وقاموا بفصل الشيخ الباقوري بعد ان قبل بذالك.

الإخوان والثورية
 ينفي توفيق الواعي عن الإخوان تهمة الثورية!!! التي يرميهم بها السلفيين ويشدد على ان تعاليم البنا لا تقر الأساليب الثورية فيقول (اما الثورة لا يفكر بها الإخوان ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها وانهم يتمنون تجنبها ولكن الحال اذا استمرت على ماهي فالثورة قادمة) يذكر الواعي ان الثورة ستكون نتيجة ضغط الظروف وإهمال مرافق الإصلاح والمشاكل المتعقده ولن تكون من الإخوان الذين يحاولون الإنقاذ بكل ما يستطيعون من جهد.

الإخوان و القومية
 اما فيما يختص بموقف الإمام حسن البنا من القومية و الوطنية فانها يقسمها الى قسمين تتفق مع الإسلام او لا تتفق فالقومية بنموذجها التركي مثلا لا تتفق مع الإسلام لذا فهي محاربة من الإخوان اما القومية التي لا تخرج عن إطار الاسلام فمقبولة فالمسلم بحسب نظرة الإخوان يجب ان يكون حبه لوطنه حلقه في سلسله من الاوطان المسلمة والتي يجب ان يعتبرها أوطانه بالضرورة.

الإخوان و الشيعة و الخميني
 أما شبهة التقريب بين السنة والشيعة!! فيعتقد الواعي انه لا مانع من التصنع لقوم لقرض مفيد فالشرع يسمح بارتكاب اخف الضررين ويشبه الواعي التقريب بين السنة والشيعة بالتحالفات السياسية التي من الممكن ان تقلل من المضار ويذكر ان هذا النهج إسلامي ويذكر أن لوطا عليه السلام عرض على الكافرين بناته لكي لا يعتدوا على الملائكة الذين وفدوا عليه على شكل ضيوف!! فالتقارب مع الشيعه اخف ضررا من الاستعمار ويرد اتهامات السلفيين لهم بتأييد الخميني انه أفضل من الشاه عميل الغرب وقد يستفاد منه ومن هنا يأتي تأييدهم لثورة الخميني.

الإخوان و عبدالناصر
 يفند الواعي اتهام السلفيين لهم بأنهم تأمروا على قتل ولي الأمر في مصر جمال عبدالناصر!! في حادث المنشية المشهور سنة 54 ويذكر إن هذا الحادث مدبر من قبل عبدالناصر و الامريكان للتخلص من أنبل وأشرف من في مصر وهم الإخوان ويورد على ذالك الأدلة و يصف توفيق الواعي جمال عبدالناصر بالدكتاتور المدلس المجرم السفاح الذي عانى منه ومن ظلمه الإخوان ومصر.

الإخوان و العمل السري و التنظيم
أما فيما يتعلق بشبهة العمل السري والتنظيم الخاص فأرجع الواعي ذالك الى ضرورة اتخاذ الحذر في وسط محيط من أعداء الأمة المتربصين وذكر أن هذا التنظيم كان له دوره في حرب فلسطين وركز على هذا الدور متغافلا عن دور هذا التنظيم وتبريره في أوساط المجتمعات العربية ويرد الداعي على شبهة البيعة إنها رباط بين الجماعة وأفرادها ولا يعني ذالك الخروج على ولي الأمر ونقض بيعته وفي معرض نفس الرد يقول إن الإخوان يبايعون من أجل إقامة الخلافة الإسلامية التي ستوحد المسلمين وانه لا وجود للخلافة من دون جماعة!!!
 أما فيما يختص بحرب الخليج فيرد الواعي إنهم لم يؤيدوا صدام في غزوة ولكنهم اعترضوا على تواجد القوات الأجنبية في المنطقة اما في الجزء الثاني من الكتاب فيقوم الواعي بالهجوم على السلفية بعد أن دافع في الجزء الأول مستعينا بكتابات الدكتور عبدالرزاق الشايجي ومضيفا إليها ويقوم في أخر الكتاب بعرض مجموعة من الرسائل من كبار علماء السعودية كابن باز وغيره المادحه في أعلام الجماعة حسن البنا وسيد قطب.  هذا هو كتاب الدكتور توفيق الواعي ولكم أن تلحظوا التغييرات التي طرأت على الجماعات الإسلامية في هذه الفترة الوجيزة فالسلفيين تحولوا من أشد المضرين بالأمة لجهلهم و أصبحوا حلفاء في مصر اليوم!!! ونرى تقاربا إخوانيا سلفيا ملحوظ كما ان المعترضين على وجود القوات الأجنبية لايمانعون اليوم تواجدها بل يبادرون في دعوتها للمنطقة والذين ينفون عن أنفسهم (تهمة) الثورية اصبحوا أكثر الناس ثورية الآن!!! فسبحان مغير الأحوال.