الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

نظام انتقال الحكم في السلطنة على الرغم من غموضة الأسلم خليجيا(2-2)


النظام الأساسي للدولة حصر الحكم في ذرية السيد تركي بن سعيد (1872-1888) و هذا يعني ان المؤهلين لتولي العرش هم من الجيل الثالث (كالسيد فهد بن محمود بن محمد بن تركي) و الجيل الرابع (كأبناء السيد طارق بن تيمور بن فيصل بن تركي) من ذرية السيد تركي و على ذالك تقل احتمالية تحزبات الأشقاء ضد الأخوة الغير الأشقاء التي تظهر في حال كان الحكم محصورا في الجيل الأول من ذرية الحاكم المنصوص عليه (او المتعارف) على تولي ذريته الحكم من بعده. هذه التحزبات التي تلعب فيها النساء دور سلبي جدا يضر بتماسك العائلة الحاكمة و بالتالي أستقرار البلاد على المدى الطويل و التاريخ العربي و الأسلامي حافل بالأحداث الدالة على مؤامرات نساء البلاط بدءا من الدولة العباسية مرورا بالدولة العثمانية التي اسهمت نزاعات نساء السلاطين فيها في تقوية شوكة الإنكشارية مما نتج عنه تعاقب سلاطين ضعاف ساهموا في أفول نجم الدولة العثمانية إنتهائا بتاريخنا الحديث الذي لا يخلو من تدخلات النساء في اختيار اولياء العهود. فالمنافسة في عمان لن تكون بين أخوة أشقاء و أخرين غير أشقاء كما هو حاصل في السعودية و الأمارات و قطر بل بين ابناء عمومة من المتوقع ان يضعوا التاريخ نصب أعينهم و يختاروا الشخص الأنسب من بينهم بعيدا عن مكائد النساء.

الميزة الثانية و الأهم التي يتميز بها نظام انتقال الحكم في السلطنة عن باقي دول الخليج هو أن  المؤسسة العسكرية متمثلة في مجلس الدفاع المنوط به تنفيذ وصية السلطان لا يضم في عضويته احد من أفراد الأسرة المالكة (مجلس الدفاع يتكون من وزير المكتب السلطاني و الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع و المفتش العام للشرطة و الجمارك و رئيس الأركان و قادة الأسلحة بقوات السلطان المسلحة و قائد الحرس السلطاني العماني) و بذالك تتعزز حيادية هذا المجلس اتجاه المرشحين لتولي الحكم بعكس دول الخليج التي يسيطر على مؤسساتها العسكرية افراد من الأسر الحاكمة و يتجلى هذا بوضوح في السعودية حيث يسيطر افراد من الجيل الثاني على المؤسسات العسكرية في البلاد مما يهدد بوضع غير مستقر في حال الاختلاف حول احقية الولاية بالعهد بعد الأمير سلمان بن عبدالعزيز (فالأمير محمد بن نايف يسيطر على الداخلية وقد عين وزيرا لها بعد فترة قصيرة من وفاة والدة و الأمير متعب بن عبدالله رئيسا للحرس الوطني و هي قوة عسكرية لا يستهان بها و الأمير خالد بن سلطان له نفوذ واسع في وزارة الدفاع بحكم تاريخه وتاريخ والدة في هذه الوزارة) كما ان هذا الحياد في عملية انتقال الحكم تضمنه رقابة شعبية و قضائية متمثلة بحضور رئيس مجلس الشورى كممثل منتخب من قبل الشعب و رئيس المحكمة العليا و أقدم أثنين من اعضائها مراسم فتح وصية السلطان السابق (في حال عدم اتفاق الأسرة على مرشح فيما بينها) وعمان بذالك الدولة الوحيدة خليجيا التي يساهم فيها رئيسي غرفتي البرلمان و القضاء في ضمان نزاهة عملية انتقال الحكم اذا استثنينا دولة الكويت التي يشترط فيها الحصول على موافقة مجلس الأمة لتعيين ولي عهد للبلاد (ولهذا النظام سلبيات بدأت تظهر بوضوح بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد حيث بدءا بعض اعضاء العائلة الصباحية الحاكمة الدخول في سباق استرضائي نحو بعض أعضاء مجلس الأمة سعيا للتخلص من منافسيهم في العائلة الحاكمة).
خلاصة القول ان العماني قد يستصعب عليه التنبؤ بالسلطان القادم و لكن الخليجي يواجهة سؤالا اصعب و هو من هو ولي العهد القادم؟؟ حيث ان طريقة اختيار السلطان القادم اكثر تطمينا و محافظة على تماسك العائلة المالكة بتقديم ما يرغبون به على ما يرغب به الحاكم و الرجوع الى وصيته لا يتم الا بعد عدم تمكنهم من الاتفاق حول شخص من بينهم بينما العكس هو الحاصل في دول الخليج فرغبة الحاكم مقدمة على رضا العائلة وهو ما سيسهم في خلق جو من عدم الثقة بين افراد الأسرة قد يضر بالدولة على المدى البعيد و إرهاصات عدم الثقة هذة بدأت بالظهور في الكويت و السعودية كما انها لم تتوقف في قطر منذ وصول الشيخ حمد بن خليفة الى الحكم فيها. يبقى ان هناك بعض تفاصيل عملية انتقال الحكم في عمان ما تزال غير واضحه من قبيل من هم أعضاء مجلس العائلة المالكة؟ وكم عددهم؟ و من يدعو للاجتماع؟ أين يعقد؟ ومن يديره؟ وماهي آلية الأتفاق او عدمه؟
حفظ الله عمان و قائدها من كل مكروة و ادام الله علينا وعلى اخوتنا في الخليج العربي الأمن و الأمان  

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

نظام انتقال الحكم في السلطنة على الرغم من غموضة الأسلم خليجيا(1-2)





 
كثيرا ما تثار التساؤلات حول مسألة الخلافة في سلطنة عمان من قبل المحللين السياسيين من داخل عمان وخارجها بالإضافة الى بعض المواطنين المتشككين من فعالية آلية انتقال الحكم في بلادهم بعد مؤسس الدولة الحديثة في عمان وقائد نهضتها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم امد الله في عمره. حيث ان الكثير من المحللين السياسيين يعتبرون عدم وجود منصب ولي عهد في السلطنة نقطة ضعف في نظامها السياسي يمكن ان تستغل في حال شغور منصب السلطان من قبل عدة جهات داخلية و خارجية بالتدخل في عملية اختيار السلطان الجديد لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الوطن. هذا الطرح التشاؤمي المتخوف من المستقبل و المائل الى وجوب تعيين ولي عهد للسلطنة يغفل ميزتين رئيسيتين لنظام انتقال الحكم في السلطنة عن باقي الأنظمة في الخليج.

الميزة الأولى أن رغبة الأسرة المالكة أهم من وصية السلطان نفسه فلو اتفقت الأسرة المالكة على سلطان من بينها خلال ثلاث ايام من شغور منصب السلطان انتفت قيمة وصية السلطان السابق ويتم تنصيب المتفق عليه من قبل الأسرة المالكة سلطانا على البلاد. هذه الأولوية لأتفاق الأسرة بحد ذاتها ميزة من حيث ان افراد الأسرة سيكونوا مجبرين ادبيا على الإلتفاف حول السلطان الجديد الذي اتيحت لهم الفرصة في اختيارة او ارتضوا ان يختارة السلطان السابق لهم في حال عدم تمكنهم من الأتفاق وهذا يقلل من احتمالية اختلافهم مع السلطان الجديد في المستقبل على عكس ما يمكن ان يحدث في حال تم تعيين ولي عهد حتى مع وجود مشاورات قبل تعيينة فالحاكم في هذه الحالة سيفرض رأية على الأسرة الحاكمة حتى لو اختلف بعض افراد الأسرة معه من حيث انهم لن يتمكنوا من معارضة رأي الحاكم احتراما له (او ربما خوفا منه) مما سيسهم في خلق شرخ خطير (قد يكون مخفيا) في الأسرة الحاكمة يكون تأثيرة كارثي اوقات الأزمات ولنا فيما حدث في المملكة العربية السعودية بعد وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز دليل على ذالك فطريقة تعيين الأمير نايف اثارت حفيظة الكثير من افراد الأسرة المالكة مما سيكون له تأثير سلبي على تماسك هذه الأسرة السعودية في المستقبل. وماحدث في الأردن عندما عزل الملك الحسين اخيه الأمير الحسن من ولاية العهد لصالح ابنه عبدالله ابن الحسين قبل أيام من وفاة الأول ترك اثرا على الأستقرار السياسي في الأردن حيث ان كل وجهة نظر للأمير الحسن بن طلال في الشأن الأردني ينظر اليها على انها اعتراض على سياسات الملك عبدالله الثاني الذي حال بينه وبين العرش الهاشمي ناهيك عن تعيين الأمير الحسين بن عبدالله وليا للعهد على حساب ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين الذي اوصى والده بتعيينه وليا للعهد!!!. كما ان الشخصية التي سيتفق عليها افراد الأسرة المالكة العمانية لإعتلاء عرش السلطنة من الأرجح ان تكون الأكثر احتراما من قبلهم لصفات يتميز بها من قبيل قوة الشخصية و الخبرة السياسية و صفات اخرى تؤهله لكسب ثقة افراد الأسرة بينما ولي العهد المعين قد لا يملك مايكفي من هذه الصفات حيث ان وصوله لهذا المنصب لم يكن ليكون لولا انه الابن البكر للحاكم او الشخص الأحب اليه مما قد يسبب كارثة للدولة لعدم وجود الشخصية المناسبة على سدة الحكم وما حدث في اواخر الدولة العثمانية دليل على أهمية قوة شخصية الحاكم فبعد ثورة الأتحاد والترقي على السلطان عبدالحميد الثاني عام 1908 تم تعيين ولي عهده الأمير محمد رشاد الذي اطلق عليه اسم السلطان محمد الخامس بعد توليه العرش يذكر ان هذا السلطان كان ضعيف الشخصية حيث انه ترك الحبل على الغارب لصالح الضباط الثوريين الذين ادخلوا الدولة في اتون الحرب العالمية الأولى التي قضت على الدولة العثمانية ومن القصص الطريفة التي تروى ان السلطان العثماني محمد الخامس كان يرتعد من وقع حذاء وزير دفاعة على بلاط القصر مما يجعله يوافق على كل ما يقترحه الوزير على عكس نصائح مستشارية.
يتبع.....