الثلاثاء، 15 مارس 2011

مسألة الديمقراطية و مصادر الإختلاف في المجتمع العماني


تعلوا بين فترة و أخرى بعض الأصوات الداخلية و الخارجية المطالبة بإدخال الممارسة الديمقراطية على أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون فكثيرا ما توصف أنظمة الحكم في هذة الدول بالإستبدادية او المطلقة او الغير ديمقراطية عدا دولة الكويت (التي تعتبر أيضا من وجهة نظر الكثيرين ناقصة الديمقراطية لعدم سماحها بإقامة أحزاب سياسية بالإضافة لإحتكار الأسرة الحاكمة للوزارات السيادية فيها) و لكن اليس من الخطر أن ينادي البعض بتطبيق الديمقراطية في مجتمعات ما زالت ترى الوطن من خلال إنتمائاتها العصبية (إن صح التعبير)؟ اليست هذة الأنظمة الأبوية المطلقة التي تحكم دول الخليج على حق في عدم تقبلها للديمقراطية خوفا على وحدة الصف و الأمن الوطني في هذه المنطقة الحساسة من العالم؟ فهاهو المجتمع اللبناني المتحضر و المنفتح يعد مثالا صارخا على قوة الأنتماء للطائفة على حساب الوطن فجميع من احتك بالشعب اللبناني يجمعون على أن الفرد اللبناني بشكل عام أقل تشددا في الدين و أكثر أنفتاحا على الأخر من أخوتة العرب ناهيك عن المجتمعات المحافظة و المنغلقة على نفسها الى أمد قريب كمجتمعات دول الخليج العربي و مع ذالك لا زال هذا الفرد اللبناني لا ينظر لمصلحة الوطن الا من خلال الطائفة فلبنان يرزح تحت وطاءة ديمقراطية الطوائف و التي لم يستطع ان يتجاوزها الفرد اللبناني إرضاءا لطائفتة و لو على حساب افكارة هذه الديمقراطية الطائفية شلت من فعالية الدولة و أدت الى تدخلات خارجية كان نتيجتها حرب أهلية و عدم إستقرار سياسي في أغلب فترات تاريخ الدولة اللبنانية. و هاهو العراق مهدد بالحرب الأهلية و التفكك و التقسيم على أسس طائفية في عهد الديمقراطية الجديدة بعدما كان ينعم بالوحدة في العهد الديكتاتوري0 نعم يقع اللوم الأكبر على القوى المحتله في تفكك الشعب العراقي و لكن اليس من الإنصاف القول أن إختلافات المجتمع العراقي جعلت من عملية التفرقة بين أبناء الشعب الواحد أسهل من إذابة الملح في الماء.
اذا كان هذا هو حال المجتمعات العربية الأقدم تحضرا تاريخيا من مجتمعات دول مجلس التعاون فماذا سيكون حال دول خليجية تنقسم مجتمعاتها بين مذاهب و قبائل و مناطق و حتى عرقيات مختلفة في بعض الأحيان كمملكة البحرين التي يشكل الشيعة فيها أكثرية المواطنين و تقع بجوار عملاق شيعي في الشمال يددغ مشاعر طبقه من المواطنين الشيعه مستغلا بعض مشاكلهم الإقتصادية و الإجتماعية الواردة الحدوث في أي دولة الن يشكل وجود ديمقراطية كاملة بمفاهيمها الغربية أنتحارا للدولة و كذا هو الحال بالنسبة للكويت فهاهي المهاترات المذهبية و اضحة في مجلس الأمة فماذا لو سمحت الكويت أستكمالا لديمقراطيتها بإقامة الإحزاب الن تتحول هذة الأحزاب الى أحزاب مذهبية يكون من السهل تسخيرها للعمل لصالح دول أخرى؟ كما حدث و ما زال يحدث في لبنان و حتى لا أركز على الأنقسامات المذهبية ننتقل الى المملكة العربية السعودية التي سيكون الإنقسام المذهبي فيها أقل تأثيرا كون أن أغلبية الشعب السعودي يتبع المذاهب السنية بالمقارنة مع الإنقسام المناطقي فالمملكة العربية السعودية تأسست على أنقاض إمارات عربية عديدة تمتع البعض منها بأعتراف دولي و لو لفترة قصيرة كمملكة الحجاز فالسعودي الحجازي بحكم أحتكاكه بثقافات عديدة عن طريق الحجاج طوال فترات التاريخ الإسلامي أكثر أنفتاحا على الثقافات الأخرى من السعودي النجدي ابن البادية  ناهيك عن ثقافة أهل الجنوب الن يشكل تطبيق هذة الديمقراطية تصادما بين الثقافة النجدية و الثقافة الحجازية يسهل أستغلاله في تقسيم المملكة مستقبلا؟ فما هو الحال بالنسبة لسلطنتنا الحبيبة عمان. هل سينجح العمانيون في ان يحافظوا على هذا التنوع الجميل في المذاهب و القبائل و المناطق و الاعراق في عصر النهضة المباركة ام انهم سيحولون هذا التنوع الى أختلافات قد تشق وحدة الصف الوطني في المستقبل؟
(موضوع كتبته في اواخر العام المنصرم و رأيت انه من الأفضل نشرة في هذا الوقت في خضم المطالبات الأصلاحية السياسية المطروحه من قبل بعض النخب العمانية)

الجمعة، 11 مارس 2011

قسم اليمين للسلطان القادم


(أقسم بالله العظيم ان أحترم النظام الأساسي للدولة و القوانين و أن أرعى مصالح المواطنين و حرياتهم رعاية كامله و أن احافظ على سلامة الوطن و أستغلال أراضية)
هذا هو القسم الذي سيؤدية السلطان القادم أمام مجلس عمان بعد رحيل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أطال الله في عمره حيث يتعهد باحترام النظام الاساسي للدولة اولا و رعاية مصالح المواطنين ثانيا و حرياتهم ثالثا و الحفاظ على سلامة الوطن رابعا و استغلال اراضية خامسا و بذالك لا ارى شخصيا ما يوجب التخوف الذي يخالج متبني فكرة الدستور التعاقدي من ان يتم استبدال النظام الاساسي للدولة بنظام اخر من قبل السلاطين الذين سيخلفون جلالتة رعاه الله في الحكم التخوف الذي حدى بهم لاقتراح فكرة الدستور التعاقدي و التي اظنها مستوحاه من افكار جان جاك روسو في كتابه العقد الاجتماعي حول خضوع القوانين لإرادة الشعب للتخلص من الاستبداد الارستقراطي و الديني  المنتشر في اوروبا في ذالك الوقت و السؤال المطروح الآن
من الذي يمثل إرادة الشعب؟
الأغلبية! الأكثرية! الأكثرية البسيطة! في حال موافقة حضرة صاحب الجلالة على العمل بما ورد في الرسالة التي قدمها متبني فكرة الدستور التعاقدي بإنشاء مجلس وطني تأسيسي لصياغة هذا الدستور من المتوقع ان يكون أعضاء هذا المجلس ممثلين لمختلف الأراء و التوجهات التي يزخر بها مجتمعنا العماني و لكم تصور الجدل الذي سيثار في هذا المجلس حول الشريعه الاسلامية مثلا- هل هي مصدر وحيد للتشريع؟ ام مصدر رئيسي؟ ام مصدر من مصادر التشريع؟ ام اساس التشريع (كما هي في النظام الأساسي للدولة)؟- 
في اعتقادي البسيط كمواطن عماني حضرت إعتصامات صور و مسقط و اطلعت من خلالها على النخب القيادية الناشئة التي تتنافس فيما بينها لكسب تعاطف المعتصمين حول هذة الفكرة او تلك ان المجلس الذي سينتخب سيضم فئات كثيرة منقسمة تغلب مصلحة الأيدلوجيا على مصلحة الوطن بدافع حب الوطن ربما أعتقادا منها بأن الوطن لا يصلح الا بهذه الايدلوجيا مما سينتج مصاراعات و جدالات فكرية كبيرة تستوجب البحث عن حلول وسط محاولة لإرضاء الأكثرية على حساب الأقلية مما يضعنا امام عدة احتمالات منها:
-ولادة دستور أقل حماية للحقوق و الحريات المدنية من النظام الأساسي للدولة أرضاءا للتيارات الدينية الواسعة القبول من قبل أبناء الشعب العماني المتدين بالفطرة
- إعتماد دستور بإكثرية ضئيلة في حال أثبتت التيارات الليبرالية قدرتها على هزيمة التيارات الدينية مما ينتج عنه عدم رضاء من نسبة لا يستهان بها من الشعب (قد تصبح أكثرية مع مرور الوقت) مما يساعد أي سلطة تود أستبدال هذا الدستور في المستقبل على الحصول على التأييد الشعبي لفعل ذالك كما هو حاصل في تدخلات الجيش في تركيا و تغييرة للدستور بعد انقلابي 1960 و 1980م
-  ولادة دستور شبيه بدرجة كبيرة للنظام الأساسي للدولة بعد تدخل السلطان شخصيا لحل هذة الخلافات الإيدلوجية التي ستتفاقم من خلال عملية صياغة الدستور التعاقدي هذه مما يعني ان هذه العملية ستنطبق عليها مقولة جعجعه بلا طحين
 هل يعني ذالك ان افكار مفكر عصر التنوير جان جاك روسو لم تعد قابلة للتطبيق بسبب المكان او الزمان؟
عاش المفكر روسو في القرن الثامن العشر في الفترة التي كانت فيها الشعوب الأوربية تسعى للتخلص من الأستعباد الذي فرضته عليها تحالف الطغيان الأقطاعي مع الطغيان الديني بحيث وجه أفكارة لمقاومة هذا التحالف الطغياني الذي كثيرا ما يلام بأنه سبب تخلف اوروبا في العصور الوسطى فاوربا في عهده لم تعاني من الطغيان الايدلوجي الذي ظهر بعد الثورة الصناعية الكبرى في انجلترا و مع ذالك فأن الثورة الفرنسية أثبتت صعوبة تحديد من يمثل إرادة الشعب فبعد الحروب الأهلية الفضيعة التي شهدتها فرنسا نصب نابليون نفسه أمبراطورا على فرنسا بأسم إرادة الشعب!! و سقط بعد ذالك ليتوالى على حكم  الشعب العديد من الملوك و الأباطرة و رؤساء الجمهوريات التي وصلت الى خمس جمهوريات بعد ان اعلن شارل ديغول الجمهورية الخامسة في الستينيات من القرن العشرين مما يؤكد على عدم استقرار تاريخي في النظام السياسي لفرنسا بعكس عدوتها التقليدية بريطانيا التي عملت على تعديل القوانين بما يتناسب مع المصالح الحقيقية للبلاد من دون التلاعب بعواطف الشعب مما ادى الى استقرار سياسي تاريخي جعل من بريطانيا امبراطورية لا تغيب عنها الشمس حكمت العالم لما يزيد عن القرن و خرجت منتصره من حربين عالميتين بسبب اتخاذها من الواقعيه و العقلانية منهجا في تعديل قوانينها و لم تعر الخطابات الثوريه المتلاعبه بمشاعر الشعوب اي أهميه مقابل أعتزازها بتقاليدها و مؤسساتها الراسخة العريقة . مما يدفعنا الى القول ان المتاجرة بأسم الإرادة الشعبية يمثل خطرا كبيرا على الوطن قد يمهد الدرب للأستبداد القومي كما هو حاصل في تركيا الى فترة قريبة او الأستبداد الديني كما هو حاصل في جمهورية إيران الإسلامية التي تم الحصول على موافقة الأغلبية الساحقة على دستورها الاسلامي لدى طرحه للأستفتاء الشعبي في خضم أحداث السنين الأولى للثورة  الإسلامية!! و هاهي نسبة لا يستهان بها من الشعب الإيراني اليوم تثور في وجه الصلاحيات المطلقة لمرشد الثورة الأسلامية و الممنوحه له بموجب الدستور الذي حصل على موافقة الأغلبية من الشعب الإيراني قبل ثلاثة عقود!!
وجهة نظر حول الدستور التعاقدي
وجهة نظري الشخصية أن فكرة الدستور التعاقدي تتسم بالمثالية التي تم تجاهل الواقع من أجلها و كنت أفضل شخصيا ان توجه هذه الجهود الجبارة من قبل المثقفين المتبنين لفكرة الدستور التعاقدي نحو إدخال تعديلات في النظام الأساسي للدولة توضح آلية تعديل مواد هذا النظام و القوانين الموضحه له بما يتيح فرصه أكبر للمشاركة في هذة التعديلات من قبل البرلمان و مؤسسات المجتمع المدني في المستقبل و أن يبداء القانونيون بمراجعة القوانين التي تناقض نصوص المواد الواردة في النظام الأساسي للدولة و تعديلها بما يتناسب مع تطور المجتمع العماني كغيرة من المجتمعات.