تشير التقارير إلى أن تونس تأثرت بانعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية التي طالت شركاءها الأوروبيين (فرنسا وايطاليا والمانيا) الذين تشكل المبادلات التجارية معهم نحو 80 بالمئة من مبادلات البلاد. الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلة الباحثين عن عمل في البلاد مما أدى الى بروز ظاهرة الهجرة الغير الشرعية نحو الشمال بين الشباب التونسي.فالمشكلة الاقتصادية التونسية في الأساس هي انعكاس لأزمة الشركاء الأوربيين و لكننا لم نشهد في بلدان هؤلاء الشركاء أحداث مشابهه لما الم بتونس!!!
فمن كان ليصدق إن حكم الرئيس زين العابدين بن علي سيسقط بمظاهرات أنطلقت عقب إحراق الشاب محمد البوعزيزي لنفسه؟ فزين العابدين بن علي أستقبل بحفاوة من قبل الشعب التونسي عند إستيلائة على السلطة بإزاحتة لمؤسس الجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة بحيث قام بعد ذالك بإقصاء من يخالفونه الرأي في طريقة حكم البلاد و تمكن من تحقيق انجازات اقتصادية هامه فهو الرئيس الذي رفع من مستوى دخل مواطنيه الى خمسة أضعاف ما كان عليه عند تولية سدة الرئاسة عام 1987م! علما بأن تونس لا تمتلك من الثروات الباطنية ما تمتلكه شقيقاتها في ليبيا و الجزائر و دول الخليج العربي . فأقتنع الرئيس زين العابدين بن علي بنفسه على انه الزعيم الأنسب لتونس و اقنع نفسه بان المعارضين له ما هم إلا أعداء للنجاح و طامعين في السلطة فأغلق جميع الأبواب في وجوههم فلم يتمكن من استشعار تنامي الفساد من حوله فمر بذالك بكافة الأطوار التي ذكرها رائد علم الاجتماع العربي التونسي المولد ابن خلدون في نظريته حول نشؤ الدول و سقوطها.عموما, في مثل هذه اللحظات لا مجال لذكر انجازات هذا الرجل فالصوت الأعلى ألان هو صوت المعارضة المتشفية في الرئيس الذي يتهم بأنه ضيق عليها لكي لا تعكر عليه صفو مسيرته التنموية فلو إن الرئيس بن علي عمل على التنمية السياسية بصدق الى جانب عمله في التنمية الاقتصادية لكان من الممكن أن يوجد آليات تمتص الغضب الشعبي و تترجمه إلى تسويات بين الشعب و الحكومة قبل ان ينزل المطالبين بالخبز و الماء إلى الشوارع ليؤل الوضع إلى ما هو عليه ألان. فالغرب نجح في تطوير آليات خاصة به تتجنب بناء مؤسسات الدولة على الأسس العصبية التي حددها ابن تونس العالم ابن خلدون بينما ما انفكت دولنا المشرقية تدور و منذ قرون عديده في نفس الدائرة من نشؤ و سقوط الدول بسبب العصبية بحيث تهدم كل دولة ما بنته الدولة التي سبقتها و تجلب للبلاد الفوضى و الدمار مما ساهم مساهمة كبيرة في تأخرنا الحضاري عن الغرب.
يحدونا الأمل في ان تستقر الاوضاع في تونس الشقيقة و ان لا تسرق تضحيات الشعب التونسي من قبل أي جهه أيدلوجيتا كانت ام عسكرية عبر دغدغة مشاعر الشعب بوعود الانتقام و الكراهية فالواجب ان تعي كافة القوى السياسية عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها و تعمل على تهدئة النفوس ليستتب الامن في البلاد لتباشر بعد ذالك تنفيذ تطلعاتها الإصلاحية في مجال التنمية السياسية و ان تترك خطابات الانتقام و الكراهية التي لن تجلب الى البلاد سوى المزيد من التخريب و الفوضي داعين الله العلي القدير بأن يحفظ تونس الخضراء خضراء دائما لا تلوثها حمرة الصراعات الأيدلوجية و يبعدها عن براكين الغضب الغوغائي.
كتب بتاريخ:14 يناير 2011م و نشر في جريدة الرؤية العمانية بتاريخ 16 يناير 2010م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق