النظام الأساسي للدولة حصر الحكم في ذرية السيد تركي بن
سعيد (1872-1888) و هذا يعني ان المؤهلين لتولي العرش هم من الجيل الثالث (كالسيد
فهد بن محمود بن محمد بن تركي) و الجيل الرابع (كأبناء السيد طارق بن تيمور بن
فيصل بن تركي) من ذرية السيد تركي و على ذالك تقل احتمالية تحزبات الأشقاء ضد
الأخوة الغير الأشقاء التي تظهر في حال كان الحكم محصورا في الجيل الأول من ذرية
الحاكم المنصوص عليه (او المتعارف) على تولي ذريته الحكم من بعده. هذه التحزبات
التي تلعب فيها النساء دور سلبي جدا يضر بتماسك العائلة الحاكمة و بالتالي أستقرار
البلاد على المدى الطويل و التاريخ العربي و الأسلامي حافل بالأحداث الدالة على
مؤامرات نساء البلاط بدءا من الدولة العباسية مرورا بالدولة العثمانية التي اسهمت
نزاعات نساء السلاطين فيها في تقوية شوكة الإنكشارية مما نتج عنه تعاقب سلاطين ضعاف
ساهموا في أفول نجم الدولة العثمانية إنتهائا بتاريخنا الحديث الذي لا يخلو من تدخلات
النساء في اختيار اولياء العهود. فالمنافسة في عمان لن تكون بين أخوة أشقاء و
أخرين غير أشقاء كما هو حاصل في السعودية و الأمارات و قطر بل بين ابناء عمومة من
المتوقع ان يضعوا التاريخ نصب أعينهم و يختاروا الشخص الأنسب من بينهم بعيدا عن
مكائد النساء.
الميزة الثانية و الأهم التي يتميز بها نظام انتقال
الحكم في السلطنة عن باقي دول الخليج هو أن المؤسسة العسكرية متمثلة في مجلس الدفاع المنوط
به تنفيذ وصية السلطان لا يضم في عضويته احد من أفراد الأسرة المالكة (مجلس الدفاع
يتكون من وزير المكتب السلطاني و الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع و المفتش العام
للشرطة و الجمارك و رئيس الأركان و قادة الأسلحة بقوات السلطان المسلحة و قائد
الحرس السلطاني العماني) و بذالك تتعزز حيادية هذا المجلس اتجاه المرشحين لتولي
الحكم بعكس دول الخليج التي يسيطر على مؤسساتها العسكرية افراد من الأسر الحاكمة و
يتجلى هذا بوضوح في السعودية حيث يسيطر افراد من الجيل الثاني على المؤسسات
العسكرية في البلاد مما يهدد بوضع غير مستقر في حال الاختلاف حول احقية الولاية
بالعهد بعد الأمير سلمان بن عبدالعزيز (فالأمير محمد بن نايف يسيطر على الداخلية
وقد عين وزيرا لها بعد فترة قصيرة من وفاة والدة و الأمير متعب بن عبدالله رئيسا
للحرس الوطني و هي قوة عسكرية لا يستهان بها و الأمير خالد بن سلطان له نفوذ واسع
في وزارة الدفاع بحكم تاريخه وتاريخ والدة في هذه الوزارة) كما ان هذا الحياد في
عملية انتقال الحكم تضمنه رقابة شعبية و قضائية متمثلة بحضور رئيس مجلس الشورى كممثل
منتخب من قبل الشعب و رئيس المحكمة العليا و أقدم أثنين من اعضائها مراسم فتح وصية
السلطان السابق (في حال عدم اتفاق الأسرة على مرشح فيما بينها) وعمان بذالك الدولة
الوحيدة خليجيا التي يساهم فيها رئيسي غرفتي البرلمان و القضاء في ضمان نزاهة
عملية انتقال الحكم اذا استثنينا دولة الكويت التي يشترط فيها الحصول على موافقة
مجلس الأمة لتعيين ولي عهد للبلاد (ولهذا النظام سلبيات بدأت تظهر بوضوح بعد وفاة
الشيخ جابر الأحمد حيث بدءا بعض اعضاء العائلة الصباحية الحاكمة الدخول في سباق
استرضائي نحو بعض أعضاء مجلس الأمة سعيا للتخلص من منافسيهم في العائلة الحاكمة).
خلاصة القول ان العماني قد يستصعب عليه التنبؤ بالسلطان
القادم و لكن الخليجي يواجهة سؤالا اصعب و هو من هو ولي العهد القادم؟؟ حيث ان طريقة اختيار السلطان القادم اكثر تطمينا و
محافظة على تماسك العائلة المالكة بتقديم ما يرغبون به على ما يرغب به الحاكم و
الرجوع الى وصيته لا يتم الا بعد عدم تمكنهم من الاتفاق حول شخص من بينهم بينما
العكس هو الحاصل في دول الخليج فرغبة الحاكم مقدمة على رضا العائلة وهو ما سيسهم
في خلق جو من عدم الثقة بين افراد الأسرة قد يضر بالدولة على المدى البعيد و
إرهاصات عدم الثقة هذة بدأت بالظهور في الكويت و السعودية كما انها لم تتوقف في
قطر منذ وصول الشيخ حمد بن خليفة الى الحكم فيها. يبقى ان هناك بعض تفاصيل عملية
انتقال الحكم في عمان ما تزال غير واضحه من قبيل من هم أعضاء مجلس العائلة
المالكة؟ وكم عددهم؟ و من يدعو للاجتماع؟ أين يعقد؟ ومن يديره؟ وماهي آلية الأتفاق او عدمه؟
حفظ الله عمان و قائدها من كل مكروة و ادام الله علينا
وعلى اخوتنا في الخليج العربي الأمن و الأمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق