كثيرا ما تثار التساؤلات حول مسألة الخلافة في سلطنة
عمان من قبل المحللين السياسيين من داخل عمان وخارجها بالإضافة الى بعض المواطنين
المتشككين من فعالية آلية انتقال الحكم في بلادهم بعد مؤسس الدولة الحديثة في عمان
وقائد نهضتها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم امد الله في عمره.
حيث ان الكثير من المحللين السياسيين يعتبرون عدم وجود منصب ولي عهد في السلطنة
نقطة ضعف في نظامها السياسي يمكن ان تستغل في حال شغور منصب السلطان من قبل عدة
جهات داخلية و خارجية بالتدخل في عملية اختيار السلطان الجديد لتحقيق مصالحها على
حساب مصلحة الوطن. هذا الطرح التشاؤمي المتخوف من المستقبل و المائل الى وجوب
تعيين ولي عهد للسلطنة يغفل ميزتين رئيسيتين لنظام انتقال الحكم في السلطنة عن
باقي الأنظمة في الخليج.
الميزة الأولى أن رغبة الأسرة المالكة أهم من وصية
السلطان نفسه فلو اتفقت الأسرة المالكة على سلطان من بينها خلال ثلاث ايام من شغور
منصب السلطان انتفت قيمة وصية السلطان السابق ويتم تنصيب المتفق عليه من قبل
الأسرة المالكة سلطانا على البلاد. هذه الأولوية لأتفاق الأسرة بحد ذاتها ميزة من
حيث ان افراد الأسرة سيكونوا مجبرين ادبيا على الإلتفاف حول السلطان الجديد الذي
اتيحت لهم الفرصة في اختيارة او ارتضوا ان يختارة السلطان السابق لهم في حال عدم
تمكنهم من الأتفاق وهذا يقلل من احتمالية اختلافهم مع السلطان الجديد في المستقبل على
عكس ما يمكن ان يحدث في حال تم تعيين ولي عهد حتى مع وجود مشاورات قبل تعيينة
فالحاكم في هذه الحالة سيفرض رأية على الأسرة الحاكمة حتى لو اختلف بعض افراد
الأسرة معه من حيث انهم لن يتمكنوا من معارضة رأي الحاكم احتراما له (او ربما خوفا
منه) مما سيسهم في خلق شرخ خطير (قد يكون مخفيا) في الأسرة الحاكمة يكون تأثيرة
كارثي اوقات الأزمات ولنا فيما حدث في المملكة العربية السعودية بعد وفاة الأمير
سلطان بن عبدالعزيز دليل على ذالك فطريقة تعيين الأمير نايف اثارت حفيظة الكثير من
افراد الأسرة المالكة مما سيكون له تأثير سلبي على تماسك هذه الأسرة السعودية في
المستقبل. وماحدث في الأردن عندما عزل الملك الحسين اخيه الأمير الحسن من ولاية
العهد لصالح ابنه عبدالله ابن الحسين قبل أيام من وفاة الأول ترك اثرا على
الأستقرار السياسي في الأردن حيث ان كل وجهة نظر للأمير الحسن بن طلال في الشأن
الأردني ينظر اليها على انها اعتراض على سياسات الملك عبدالله الثاني الذي حال
بينه وبين العرش الهاشمي ناهيك عن تعيين الأمير الحسين بن عبدالله وليا للعهد على
حساب ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين الذي اوصى والده بتعيينه وليا
للعهد!!!. كما ان الشخصية التي سيتفق عليها افراد الأسرة المالكة العمانية لإعتلاء
عرش السلطنة من الأرجح ان تكون الأكثر احتراما من قبلهم لصفات يتميز بها من قبيل
قوة الشخصية و الخبرة السياسية و صفات اخرى تؤهله لكسب ثقة افراد الأسرة بينما ولي
العهد المعين قد لا يملك مايكفي من هذه الصفات حيث ان وصوله لهذا المنصب لم يكن
ليكون لولا انه الابن البكر للحاكم او الشخص الأحب اليه مما قد يسبب كارثة للدولة
لعدم وجود الشخصية المناسبة على سدة الحكم وما حدث في اواخر الدولة العثمانية دليل
على أهمية قوة شخصية الحاكم فبعد ثورة الأتحاد والترقي على السلطان عبدالحميد
الثاني عام 1908 تم تعيين ولي عهده الأمير محمد رشاد الذي اطلق عليه اسم السلطان
محمد الخامس بعد توليه العرش يذكر ان هذا السلطان كان ضعيف الشخصية حيث انه ترك
الحبل على الغارب لصالح الضباط الثوريين الذين ادخلوا الدولة في اتون الحرب
العالمية الأولى التي قضت على الدولة العثمانية ومن القصص الطريفة التي تروى ان
السلطان العثماني محمد الخامس كان يرتعد من وقع حذاء وزير دفاعة على بلاط القصر
مما يجعله يوافق على كل ما يقترحه الوزير على عكس نصائح مستشارية.
يتبع.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق